Saturday 31 December 2011

سـوريا، الامبريالية والسـوريون


سـوريا ، الامبريالية و السوريون
سانتياغو غونثالث باييخو  – موقع : ريبليون


أنا واحد من الموقعين على البيان * الذي يتصدره سانتياغو ألبا **. لقد شكرته على مبادرته . كانت لدي بالفعل نقاشات حول سوريا في حوارات و مؤتمرات مختلفة سابقة على نشر البيان . و التباين في الآراء كان و ما يزال كبيراً . يؤكد البيان المذكورعلى فكرة أساسية : لا يمكن أن نغمض أعيننا أمام حقيقة أن نظام الأسـد هو نظام ديكتاتوري . ضد الأنظمة الديكتاتورية يجب أن يكون تموضعنا . نساند التحولات السلمية ، و البحث عن تغيير في النظام ... و هلم جرا . لكن في كل الأحوال ، الطغاة ليسوا الحلفاء الاستراتيجيين لليسار . من المشكوك فيه  أن  نظام الأسـد كان حليفاً يوماً ما . فما بالك بأن يكون حليفاً لليسار .
أشخاص مختلفون فهموا و يفهمون أن ليس كل ما يلمع هو ذهب  في الثورة السورية ، فهم يثمنون دور سـوريا في الإطار الشرق أوسطي بوصفها " مناهضة للامبريالية " ، و يسلطون الضوء على التغيير في الخط التحريري لقناة الجزيرة ، بالاضافة إلى الهجوم و الطراز الإعلامي الغربي – بعد الهجوم على ليبيا – الخ  ، وكمحصلة لتحليلاتهم ، فإن موقفهم هو أنه ليس علينا مساندة هذه الثورة . إضافة إلى ذلك ، تتضمن مجادلاتهم عناصر مثل : التدخل الخارجي ، العمليات الاستخباراتية ، المعارضون المرتزقة أو المدعومون من الخارج ، و أخيرا توزيع الأسلحة على مجموعات  أو ميليشيات معارضة .
بطبيعة الحال ، يمكن أن يتم وصف هذه  الطروحات بظلال و كلمات أفضل .
لكن لو تركنا جانبـاً النيات الطيبة بأن هـدف هذه المحاججات هو إظهار الشـر الغربي –الصـهيوني – السـعودي و أنـه كـان أمـراً ممكناً أن يتحـول نظـام الأســد إلى ديموقراطـية ( اشتراكية ) فإنني أعتقد أن هناك تقييماً خاطئاً ، و فوق كل شيء ، خطأً أخلاقياً .
لذلك ، و في محاولة لتقديم طرح مختلف عن الطرح السالف ذكره ، أريد القيام باستدلال تمثيلي قد تدركه بشكل أفضل الأجيال التي ناضلت ضد الفرانكوية ( ديكتاتورية الجنرال فرانكو في إسبانيا ) .
لو أن شخصاً " مناهضاً للامبريالية " في أيام دكتاتورية فرانكو أراد إقناعنا بأن نتبنى سلطة البنية الحزبية الديكتاتورية و أن نغلق أعيننا أمام انتهاكاتها و تجاوزاتها على أساس أن نظام فرانكو كان حليفاً للأنظمة (الأنظمة الديكتاتورية ) العربية و أنه لم تكن له علاقات مع إسرائيل ، لكنَّا اعتبرنا ذلك أمراً فضائحياً .
الجمهورية العربية السورية الموجـودة حالياً ، و ليست التي كـان من الممكن أن تكون موجودة ، هي المكان الذي تورَّث فيه السلطة من الأب إلى الابن ، و هي حيث يوجد نظام حكم  فاسـد و قاتل و معذِّب ، يتصرف على هواه منذ عقود و ليس لديه ما يدفعه لتعديل سلوكه . و هذا هو ما يجب محاربته .
إن دعاية النظام المعادية لإسرائيل ، التي هي ليست إلا حجة و ستاراً أمام الغير ، لا تسوِّغ له التسبب في معاناة الشعب السوري . كما أن تعهده لقومية طنّانة ، تستوعب لبنان على أنه جزء خاص بها ، يفسر في مرات كثيرة تغييراته التكتيكية المستمرة أكثر مما تفعله ايديولوجية يتجرأ البعض على وصفها بالتقدمية .
إن نضال الشعب السوري في سبيل المواطَنَة ، و فقدانه للشعور بالخوف ،  ليس حائلاً دون الاعتراف بأن وسائل الإعلام تلعب دوراً ، و أنها تحابي ، إعلامياً ، معارضة  دون أخرى ، و أن هناك مصالح استراتيجية يُراد امتطاء ظهر مطالبات الشعب السوري بالحرية  لتحقيقها .
لكن ، مع ذلك كله ، لا يمكن لنا أن نخطئ التقدير . فحقوق الإنسان هي المعيار الذي يوجه خطواتنا أمام  الضبابية  و الالتباس الاعلامي . لا يمكن أن نقبل بنظام الأسـد كجزء من قيمنا . لا يمكن تصنيفه في عداد المناهضين للامبريالية بسبب تبنيه الانتهازي ، حسبما و عندما يحلو له ، لشعارات معادية للصهيونية ، بينما هو يرتهن الفلسطينيين أو يستخدمهم كأدوات في سبيل مصالح فاسدة  .
إن دكتاتورية الأسـد هي ديكتاتورية و حسْب . لا يمكن أن نكون ضد الحرية و ضد حقوق الإنسان ، هذه القيم التي لا تعني شيئاً عند الجهاز القمعي السـوري و في قاموس مصطلحاته . لم تعد صالحة تلك الفكرة القائلة بأن عدو عدوي هو صديقي . يجب أن نكون مع الشعب السوري و أن لا نواجهه بمعضلة أن  مسانديه في سبيل التحرر من الطغيان يوجدون فقط في المعسكر الامبريالي الغربي و أن أولئك الذين يُدْعَون بمناهضي الامبريالية يدعمون جهازاً استبدادياً . نعم يجب أن نميز بين المعارضين ، و يجب أن نساعد الثائرين على الطغيان ، فهم سيكونون ، فضلاَ عن ذلك ، أخوة نضالنا في أي ناحية من أنحاء العالم ، سيكونون أولئك المناهضين للفرانكوية في الأمس ، و الذين سوف يساندون النضال المناهض للامبريالية و الصهيونية في الغد .



 -     سانتياغو غونثالث باييخو : كاتب و عضو في لجنة التضامن مع القضية العربية .
*    بيان للتضامن مع الشعب السوري وقعه مجموعة من الشخصيات ذات التوجه اليساري في بلدان مختلفة ، صدر في السادس من تشرين الثاني | نوفمبر الماضي .
**   كاتب إسباني ، يساري الاتجاه ، ولد في مدريد  عام 1960 . يقيم في تونس .



www.rebelion.org/noticia.php?id=141455

Tuesday 27 December 2011

واجبنا تجاه ســوريا


واجبنا تجاه سـوريا
مقالة افتتاحية في صحيفة ال باييس الاسبانية – 27 – 12 - 2011


حصد القمع الذي يقوم به نظام بشار الأسد السوري ضد شعبه  ، حصـد يوم أمس عشرين آخرين من الضحايا في مدينة حمص ، و هي واحدة من أكـثر المدن معاناة منذ بداية الثـورة . قبل بضعة أيام فقط ، أسفر اعتداء ، نسبته السلطات السورية إلى القاعدة ، عن خمسين ضحية في دمشق العاصمة . تتزامن هذه الدوامة من العنف مع وصول بعثة من المراقبين التابعين لجامعة الدول العربية إلى البلاد ، و هم مكلفون بالتحقق من تنفيذ خطة تسعى لإيجاد مخرج متفاوض عليه للأزمة و يتوقع بندها الأول إنهاءً  لأعمال  القمع  .
كائناً من كان المسؤولون عن الاعتداء في دمشق ، فإن بشار الأسـد لا يستطيع التذرع  بهذه المذبحة التي لا يمكن تسويغها ، لتسويغ تلك التي يقوم هو نفسه بارتكابها ضد أولئك الذين يتطاهرون بشكل سلمي مطالبين بتنحيه . إنهم الآن ما يقرب من خمسة آلاف أولئك السوريون الذين فقدوا حياتهم على أيدي الجيش و قوات الأمن ، حسب الإحصاء الذي قامت به الأمـم المتحدة ، و هو رقم يُظهِر حجم وحشية النظـام السوري ، و  ليس قوتـه . ليس هناك أي مخرج سياسي ممكن مع بقاء بشار الأسـد في السلطة ، و عليه ، فإن   محاولته لكسب الوقت عن طريق إجراءات تجميلية تسعى لدفـع المعارضة للتنـازل و لجعل  المجتمع الدولي ينصاع لأية  تسوية ،  لن تكون مجدية .
لقد أثبت ما يجري في حمص ، و في مدن أخرى كذلك ، أن المعارضة لا تبدو مستعدة  للتخلي عن مطلبها بمغادرة الأسـد . و المجتمع الدولي ، من جانبه ، لم يقم أيضاً بخطوات تستجيب لآمال الديكتاتور في أن تستدعي الانتصارات الانتخابية المؤكدة للإسلاميين في تونس ، و الأكثر من مرجّحة في مصر ، إعادة النظر بمساندة تطلعات المتظاهرين في سـوريا . إن رفض القمع المنفلت من كل عقال الذي يقوم به الأسـد لا يمكن أن يتراجع  أمام الخشية مما سيحدث بعد رحيله .
كانت خطة الجامعة العربية الأمل الأخير للأسـد ، و ليس للعملية الانتقالية و التحول في سـوريا . فالأخيرة ستبدأ عاجلاً و ليس آجلاً و الشيء الوحيد الذي يبقى على المحك  لسوء الحظ هو حجم العذاب الذي ستكلفه . لقد انتهى وقت بشار الأسـد في اللحظة نفسها التي أسقط فيها القمعُ الضاري الضحيةَ الأولى . و الآلاف الذين ألحقهم بتلك الضحية منذ تلك اللحظة لم يكونوا إلا دافعاً ليتحوَّلَ الدعم الدولي للمتظاهرين إلى واجب أخلاقي و ليس واجباً سياسياً  فقط .







www.elpais.com/articulo/opinion/Deberes/Siria/elpepiopi/20111227elpepiopi_2/Tes

Sunday 25 December 2011

قنابل في دمشـق


قنابل في دمشـق
مقالة افتتاحية في صحيفة ال باييس الإسبانية


أخذت دوامة العنف في سوريا بعداً جديداً ، بعد تسعة أشهر من الثورة و القمع الحكومي الضاري ، مع الاعتداء المزدوج يوم أمس ضد مراكز أمنية للنظام  في دمشق ، و الذي مات فيه عشرات الأشخاص . فالعاصمة السورية الخاضعة لرقابة صارمة ، إضافة إلى حلب في الشمال ، هي المدينة الكبرى الوحيدة في البلاد التي بقيت خالية نسبياً من التصعيد الدموي و العسكرة المتزايدة لأزمة بدأت سلمية و حصدت حتى الآن حوالى 5000 حياة بشرية .
ليس من باب المصادفة أن تتزامن الاعتداءات في دمشق ، التي نسبتها الحكومة بشكل فوري إلى القاعدة ، مع وصول طليعة بعثة الجامعة العربية التي يجب أن تحضّر لنشر فرقة المراقبين في البـلاد ، طبقاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه مع بشـار الأسـد هذا الأسـبوع  . الرئيس السوري ، المُضَّيق عليه بشكل متزايد أيضاً على المسرح الدولي ، كان قد أحبط في بداية الشهر الماضي هذه المهمة ، التي تتضمن حريـة الحركة للمراقبيـن و الصحفيين العرب ، و هي توطئة لخطة سلام تتوقع إعادة الجيش إلى ثكناته و تحرير آلاف المعتقلين السياسيين و البدء في الحوار مع المعارضة التي مازالت ضعيفة و مقسمة .
في ضوء الأحداث الراهنة – المجازر الحكومية المرتكبة هذا الأسبوع في إدلب ، المجاورة للحدود التركية ، و الاعتداءات الوحشية في العاصمة -  يبدو من غير المحتمل إلى درجة كبيرة أن تستطيع الجامعة العربية بلوغ أهدافها في المراقبة بحرية ، و أن يلتزم  الطاغية الأسـد بخطة سوف يؤدي تطبيقها الفعلي بشكل لا مناص منه إلى نهاية نظامه السفَّاح . بالنسبة إلى دمشق ، فإن التعاون الظاهري مع الجامعة العربية هو الطريقة الوحيدة لكسب الوقت .
إن الكتلة الحرجة للعنف و الكراهية المتراكمين تجعل من إصلاح نظام ديكتاتوري وراثي كالنظام الموجود في سوريا أمراً مُستبعَداً . فانفتاح النظام الشـمولي و المغلق ، سـوف يؤدي ، عاجلاً أكثر من كونه آجلاً ، إلى زوال الديكتاتور و الدائرة السلطوية المحيطة به . و إذا كان هناك من شي قد أظهرته  الشهور التسعة من الثورة الشعبية في سوريا ، بشكل أكبر من أي ريب أو شك  ، فهو أن دمشق تجد في القمع المسلح أداتها الوحيدة للإبقاء على سيطرتها على مناطق تتسع رقعتها باضطراد في البلد بكامله . إن الأسـد  يطأ ، في هذه اللحظة ، الرمال المتحركة نفسها التي وطأها طغاة عرب آخرون كان قد تم خلعهم عن عروشهم  لحسن الحظ .




www.elpais.com/articulo/opinion/Bombas/Damasco/elpepiopi/20111224elpepiopi_2/Tes

Wednesday 7 December 2011

ســوريا: الأســد يفقد عرَّابيه


سوريا : الأسـد يفقد عرّابيه
ناعومي راميريث دياث – صحيفة : دياغونال الإسبانية


تتزايد عزلة النظام السوري باطراد . و قد أدى سقوط أكثر من 4000 ضحية منذ آذار | مارس من هذا العام ، حسب الناشطين السوريين ، و اشتداد الهجوم  لا سيما على مدينة حمص التي تتعرض للقصف المستمر  و انقطاعات التيار الكهربائي ، أدى إلى بداية اشتغال الآلية الديبلوماسية من أجل الإطاحة بالنظام .
بعد صمت مزعج ومُنتَقَد لم يكسره إلا دعوات خجولة لوقف العنف ، تدخلت الجامعة العربية ، المُسَيطر عليها حالياً من قبل مجلس التعاون الخليجي ، في القضية مقترحةَ خطة عمل من أجل حل الأزمة وافقت دمشق على البدء بها .
و بصرف النظـر عن الغموض في هـذه الخطـة ، فإن المفاجىء هو أن الجامعـة العربيـة لا تعطي حافزاً من أي نوع  للنظـام من أجل تطبيقها ، إذ هي ، بخلاف مبادرتها من أجل اليمـن ، لا تدعو لاستقالة بشـار الأســد . كان على ملك الأردن ، غالباً بعد تلقيه الرضى و الموافقة من الولايات المتحدة و بريطانيا ، أن يدعوه للرحيل بصورة ضمنية بعد أسبوع من ذلك .
من جانبهـم ، قرر وزراء خارجية الـدول الأعـضاء في الجامعة العربيـة ، باسـتثناء لبنـان ( حكومة ميقاتي هي حليفة لدمشق ) و اليمن ( و هو في وضع داخلي موازٍ ، ما عدا الاختلافات في البُنى السياسية و التشكيل الاجتماعي ) اللذين صوتا ضد القرار ، و العراق ( احتفظ بتأييد تكتيكي نوعاً ما لنظام الأسـد ) الذي امتنع عن التصويت ، عارفاً بأن تصويتاً ضد القرار سيسبب له أذى كبيراً ، قرروا تعليق عضوية سوريا في الجامعة .
بالرغم من ذلك ، ، قدمت الجامعة العربية ، في اجتماع جديد ، مهلة جديدة من ثلاثة أيام لدمشق قبل التعليق النهائي للعضوية ، مصرةَ على أن حل الأزمة يجب أن يبقى في المحيط العربي ، الذي ، بالتناقض مع ذلك ، تنضم إليه تركيا مع الشائعات حول إمكانية إقامة منطقة عازلة انطلاقا من حدودها الجنوبية من أجل حماية المدنيين .
في الوقت الراهن ، لا يحظى السكان إلا بحماية الجيش السوري الحر ، المكوَّن من عسكريين منشقين متوزعين في سوريا نفسها و لبنان و تركيا . هذا الجيش غير النظامي يترقب زيادة الانشقاقات بينما يستمر في استراتيجيته المرتكزة على حرب العصابات من أجل زعزعة النظام و التعجيل بسقوطه ربما من خلال انقلاب داخلي يحول دون سفك المزيد من الدماء .
و إزاء الانهيار الوشيك للاقتصاد ، فإن المصالح التي يشترك فيها أصحاب الأعمال و القيادات العليا في الجيش المرتبطون ببقاء النظام أصبحت متضررة بحيث أن الميزان سينتهي إلى الميل بالاتجاه ضد النظام .
روسيا تراجع موقفها الداعم
الإجراءات الخجولة حتى الآن للجامعة العربية أطلقت مساراً لا رجعة فيه للخلف ، عرف المجلس الوطني السوري ، الذي يبرز كبديل عن النظام من أجل قيادة العملية الانتقالية ،كيف يستفيد منه ، خاصة بعد قبول الصين بتعليق عضوية سـوريا في الجامعـة العربيـة ، وسرَّع بالتالي من نشاطه الديبلوماسي المحموم .
بعد اجتماع غير مثمر مع روسيا ، الحليف الأكبر ، مع إيران  للنظام السوري، بات من المشروع التساؤل عما إذا كان هذا البلد سيمارس مرة أخرى حق النقض في تصويت مستقبلي في مجلس الأمن من أجل إدانة سـوريا .
أن تكون روسيا قد مارست هذا الحق في المرة الماضية فهذا يعود إلى دافعين رئيسيين : المصاح الاقتصادية – العسكرية لروسيا ، التي لديها قواعد في سوريا ، و غياب الضغط الفعال من جانب الولايات المتحدة ، الأمر الذي يدفع للتفكير فيما إذا ما كان ذلك الفيتو ذا نكهة إسرائيلية أكيدة . ففي مرات متعددة ، اعترف كل من إسرائيل و النظام السوري بأن استقرار اسرائيل يعتمد على  استقرار سوريا .
بالرغم من ذلك ، فإن الضوء الأخضر الـذي  أُعطي للملك الأردنـي للتحدث بصراحة نسـبية ، و إمكانية أن تعترف بلدان عدة بالمجلس الوطني السوري ، و سـحب السـفير الفرنسـي و إغلاق القنصليات ... الخ ، هي كلها مؤشرات على أن شيئاً ما قد تغير في المجتمع الدولي . يبدو أن هذا المجتمع قد تخلى أخيراً عن خدمات ضامن الاستقرار في المنطقة التي قام بها نظام آل الأسـد و هو يرغب في حدوث تحول و انتقال مُنظم ، يقبل المجلس الوطني السوري ، من أجله ،  بالحوار مع أعضاء في النظام لم يشاركوا في المذابح .







www.diagonalperiodico.net/Siria-Assad-se-va-quedando-sin.html?var_recherche=siria

Sunday 4 December 2011

هل يمكن تفادي الحرب في ســوريا؟


هل يمكن تفادي الحرب في سوريا ؟
الجامعة العربية تقدم لآل الأسد الفرصة الأخيرة لتجنب مصير القذافي

خابيير بالينثويلا – صحيفة ال باييس الاسبانية


من بين كل الديكتاتوريات الموجودة في العالم ، فإن الديكتاتورية السورية هي التي أمضت ثمانية شهور وهي ترتكب الجريمة الفاضحة بالقتل اليومي لـ عشرة ، خمسة عشر، عشـرين أو أكـثر مـن مواطنيها لمجـرد قيامـهم بالتظـاهر في الشـوارع مطالبـين بالحـرية والكرامـة. المجتمع الدولي تحت قيادة باريس ولندن ، لم يحتج إلى كل هذا الوقت من أجل الدفع باتجاه التدخل في ليبيا لإنهاء طغيان القذافي .
إنه لأمر هام جداً ، آخذين بعين الاعتبار العقوبات التي فرضتها الجامعة العربية على سوريا ، أن يستشهد رئيس وزراء قطر و حامل حقيبة وزارة خارجيتها حمد بن جاسم آل ثاني يوم الأحد الماضي بهذه الآية من القرآن :" أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً " . و رغم أنها ذُكرت من شخص لا يتمتع بسلطة دينية ، فإنها بدت كما لو أنها فتوى  تدين نظام آل الأسـد .
حض حمد بن جاسم آل الأسد على " وقف المذبحة ، و وقف نزف الدماء " . ذلك أن القمع الوحشي للاحتجاجات الشعبية قد أوقع في سوريا أكثر من 3500 قتيل حسب تقديرات المنظمات الدولية لحقوق الإنسان  . هذا من غير أن نتحدث عن الجرحى و المعتقلين و المتعرضين للتعذيب  و اللاجئين .
برفضهم العنيد و المتصلب فإن عشيرة الأسـد – الرئيس بشار و شقيقه ماهر و بقية أقربائهم  - قد تجعل من الحرب في سوريا أمراً لا يمكن تفاديه . أعني بذلك حرباً مفتوحة و كبيرة ، حرباً ذات بعد وطني ، إقليمي و حتى دولي ، حرباً تذهب إلى ما هو أبعد من المواجهات المسلحة التي تحصل فعلياً بين متمردين من الجيش السوري الحر ، المُشكّل من جنود منشقين ، و قوات النظام .
في غضون ذلك ، يظهر المجتمع الدولي تردده عندما يتم طرح موضوع تدخل عسكري في سوريا حتى و لو كأمر محتمل . فالناتو ، و هو اللاعب الرئيسي في عملية ليبيا ، ليس لديه أدنى رغبة في الشروع في عملية في الشرق الأدنى ستكون أكثر تعقيداً بكثير وفق كل وجهات النظر مقارنة بليبيا . أما روسـيا و الصين ، فهما تستمران في حماية نظام آل الأسـد .
إلى متى يمكن أن يستمر هذا الوضع  ؟ إن القرار الصادر يوم الأحد الماضي من الجامعة العربية الذي عارضه لبنان فقط ، التابع البائس لسوريا ، هو خطوة هامة إلى الأمام باتجاه تغيير في المشهد . فالرسالة التي بعث بها اجتماع القاهرة لا يمكن أن تكون أكثر وضوحاً : إذا لم ينصت آل الأسـد إلى إخوانهم العرب ، فسيكون عليهم تحمل التبعات . هكذا قالها القطري حمد بن جاسم آل ثاني :" إذا أخفقنا نحن العرب ، فهل تعتقدون أن الضمير الدولي سيبقى صامتاً إلى الأبد حول هذه القضية ؟ ".
بدأت الاحتجاجات في سوريا بصورة سلمية متبعة نموذج الثورتين التونسية و المصرية . لكن رد العسكر السوريين كان ، بالرغم من ذلك ، مختلفاً جداً . فبدلاً من الامتناع عن إطلاق النار ضد شـعبهم ، فإن العسكريين السوريين ، أو بالأحـرى القول ، قيادتهم العليـا و وحداتهم الأفضل تسليحاً و تدريباً ، لم يتورعوا عن الانضمام إلى الشرطة و عناصر المخابرات و شبيحة النظام ساعة سحق الاحتجاجات . ذلك أن قلب القوات المسلحة السورية في أيدي العلويين ، أعضاء هذه الأقلية الدينية المتفردة التي ينتمي إليها آل الأسـد . إنهم يرون هذه الأحداث ليس فقط كصراع بين الديكتاتورية و أماني الشعب في الحرية  ، و إنما أيضاً كاختبار للقوة بين طائفتهم و بقية الشعب ، السني في غالبيته .
هذا الموقف زاد من الانشقاقات بين العسكريين السُنّة و أفسح المجال لبداية مقاومة عسكرية مسلحة . إن هذه الظواهر يمكن أن تتنامى فقط مع مرور الوقت ، فاتحة الأبواب أمام حرب أهلية كاملة . من جانب آخر ، إن الدعم غير المشروط من الطائفة العلوية إلى آل الأسـد سوف يعزز المنحى الطائفي للنزاع . تتزايد المواجهات بين المدنيين العلويين و السنيين و يصبح بالإمكان سماع أصوات تهدد بأن نهاية آل الأسـد ستُتَرجَم إلى أعمال انتقامية قاسية ضد إخوتهم من الطائفة نفسها .
بخلاف ما حدث في ليبيا ، فإن حرباً مفتوحة في سوريا سيكون لها تداعيات هامة في الشرق الأدنى ، حتى لو لم يتدخل المجتمع الدولي إلى جانب أحد الطرفين . يمكن لآل الأسـد أن يطلبوا النجدة من حلفائهم في إيران و حزب الله ، الذين يقدمون لهم المساعدة فعلياً في أعمال القمع . و من بين البلدان التي ستكون متأثرة تبرز تركيا ، لبنان ، العراق ، إيران ، الأردن ، العربية السعودية و إسرائيل .
إن الإقرار بأن انفجار النزاع السوري سيكون له تداعيات واسعة يجب أن لا يكون  حجة للسكون و عدم الحركة . على العكس ، إنه دعوة لتصرف فوري و حاسم على خط  قرار الجامعة العربية . إن المشكلة الرئيسية هم آل الأسـد ، إنها تعنتهم الذي يدفع بلدهم و الشرق الأدنى و العالم إلى الكارثة . بدونهم ، يمكن لسوريا أن تجد طرقاً لتجنب الفوضى . هذا ما تقوله ريم العلاف في مقالتها المنشورة في صحيفة الغارديان . بعد تصديها للمحاجات الباطلة لآل الأسـد ( نحن أو الطوفان ) ، تتذكر الصحافية و الكاتبة السورية أن بلادها عرفت ، بعد الحرب العالمية الثانية ، مرحلة من الديموقراطية البرلمانية ، بمجتمع مدني نابض بالحياة و حريات صحفية واسعة . ذلك الأساس لا زال هناك ، تضيف العلاف ، و كلما كان سقوط نظام الأسـد أسـرع كلما كان استرجاعه أكثر سهولة .



www.internacional.elpais.com/internacional/2011/11/28/actualidad/1322495642_665097.html