Tuesday 30 April 2013

سـوريا والخط الأحمر




مقالة افتتاحية في صحيفة الباييس الإسبانية بتاريخ 29-04-2013


سـوريا والخط الأحمر

مضى عام منذ أن حذّر باراك أوباما النظام السوري بصورة رسمية -كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، من غير تبجح- بأن استخدام الأسلحة الكيميائية ضد شعبه سيكون تجاوزاً لخط أحمر لن تتسامح معه واشنطن. في الشهر الماضي، كرر الرئيس الأمريكي تحذيره لبشار الأسـد ومن معه. الدليل على أن هذه الأسلحة ذات السُميَّة المرعبة -غاز السارين- قد استُخدِمَت مؤخراً يبدو قائماً على أساس راسخ، استناداً إلى الآراء المتطابقة للفرنسيين والبريطانيين والإسرائيليين والاستخبارات الأمريكية نفسها.

إن عدول أوباما عن التدخل في سوريا واضح، بالرغم من الفظائع التي ارتكبها الأسـد، وعشرات الآلاف من ضحاياه، والبؤس الكبير الناتج عن حرب أهلية بدأت احتجاجاً ضد طاغية بالوراثة مستعد لفعل أي شيء. مواجهاً الأدلة المتزايدة على استخدام السارين، يطالب الرئيس الأمريكي الآن بتحقيق للأمم المتحدة، إلا أن عرقلة مجلس الأمن من الجانب الروسي، وموقف دمشق، والوضع على الأرض، يجعل ذلك أمراً غير ممكن عملياً. الناطقون باسم البيت الأبيض بدأوا بتلوين خطابهم عن "الخط الأحمر الذي لا يمكن اجتيازه" بالإشارة إلى "الاستخدام الممنهج" لتلك الأسلحة.

مهما بدا معقولاً، فإن عزوف أوباما عن تحمل المخاطر، حتى في ظروف شديدة الخطورة كتلك الموجودة في سـوريا، يتلاءم بشكل سيء مع وضعه كرُبَّان للقوة العظمى الوحيدة؛ وكذلك مع الأفضلية في مجال السموّ الأخلاقي الذي تظهره الخطابات الأكثر أهمية للرئيس. العجز الأميركي يفاقم ويرسِّخ ويضاعف أخطار النزاع السوري، ومن بينها، السقوط اللاحق لقسم من ترسانة دمشق الكيميائية في أيد جهادية. وينقل، علاوة على ذلك، إلى الأسـد وطغمته الرسالة المدمرة بأن تهديدات رئيس الولايات المتحدة الأمريكية -واستطراداً القوى الديموقراطية التي تزعم كونها حارسة لمنظومة القيم المتحضرة- هي كلمات فارغة. رسالة سوف تُقرأ في نزاعات أخرى حاسمة بالنسبة للبيت الأبيض، كإيران.

منذ وقت طويل وجرائم حرب الأسـد تستدعي، كواجب أخلاقي في الحد الأدنى، رداً دولياً حاسماً. إن استخدام الإرهاب الكيميائي مِنْ قِبَلِ مَنْ كان قد أطلق مِنْ قبلُ الصواريخ والطائرات على شعبه يمثِّل الآن تحدياً ينبغي على واشنطن أن تُظهر بمواجهته استعدادها للتدخل بشكل لا لبس فيه. 






http://elpais.com/elpais/2013/04/28/opinion/1367174681_981489.html

Sunday 28 April 2013

سـوريا كلها تحتاج مساعدة نفسية





سـوريا كلها تحتاج مساعدة نفسية

مونيكا بريتو- موقع: كوارتو بودير


(طرابلس - لبنان): منذ أن بترت قذيفة إحدى قدميه بينما كان يشارك في إحدى المظاهرات في بستان القصر، في مدينة حلب السورية، لم يعد أمير كما كان. هذا المُجاز في الفنون البصرية ذو الثلاثين عاماً، الذي كان في السابق متهكماً وفطناً ومكافحاً، يبدو أنه فقد الموهبة والرغبة في الحياة. يمضي الأيام مختبئاً في صمته، مطوقاً همومه في دخان التبغ، ولصدمة الأصدقاء الذين يرافقونه في تركيا، حيث كانت تُعالَج إصاباته، بدأ بالحديث عن الانتحار. "لم يعد أمير الذي كان"، كما يشتكي رفاقه.
سـوريا أيضاً لم تعد كما كانت. ولا القسم الأكبر من سكانها، ومن بينهم الصغيرة نور، ذات الأعوام العشرة، الناجية من هجوم الطيران السوري على مدرستها، الواقعة قرب دمشق. والدتها، اللاجئة في لبنان، تروي كيف أمضت الصغيرة شهرين معانقة لها ليلاً ونهاراً. كوابيسها تعيدها إلى هول الانفجار. عز الدين، السوري ذو الخمسة والعشرين عاماً، كان يعتقد أنه يمر بفترة من التوتر العصبي إلى أن وصف أعراضه لطبيب صديق لوالديه. الأرق، الصداع، الخوف من الكوابيس التي تراوده في الليل، القلق، المزاج السيء، فقدان الأمل ... التشخيص كان قاطعاً ويمكن تطبيقه على الحالات السابقة: PTSD أو اضطراب ما بعد الصدمة، نوع من اضطرابات القلق الشائعة في السيناريوهات العدوانية حيث يحس الفرد بتهديد واضح لسلامته  الجسدية.
مستويات العنف التي تعانيها سـوريا منذ أن تعرضت المظاهرات السلمية، قبل أكثر من عامين، للقمع بالقنابل مطلقة حرباً أهلية، تتسبب في جعل المرض المذكور معاناة على النطاق الوطني. تلك هي، على الأقل، الخلاصة التي وصلت إليها المنظمات غير الحكومية والأطباء المطلعون على الأعراض التي يعالجونها في مجتمع اللاجئين: من المستحيل جمع معلومات من داخل البلد، حيث يمنع النظام صراحةً المنظمات الإنسانية التي قد تحسِّن الوضع. الأعراض الأكثر شيوعاً، كما يصفها الطبيب النفسي السوري المستقر في لندن ي.س -يطلب الإشارة إليه بالحروف الأولية من اسمه جراء الخوف من الانتقام من أقربائه، الموجودين في سـوريا- هي "ذكريات وكوابيس، تجنُّب ووهن، حذر شديد، وكذلك أعراض القلق، الاكتئاب، الاستعمال المفرط للكحول أو العقاقير، بما فيها مسكنات الألم".
ي.س غادر البلد في 2004 لتحسين تأهيله في بريطانيا. يمارس المهنة منذ 2005. كانت عودته إلى سـوريا متوقعة في 2012 لكنه، بالنظر إلى الأوضاع، أجَّل الرحلة. مشاعره وعواطفه لا زالت في هذا البلد العربي. "هنا لا أعالج مرضى سوريين لكنني أستقبل استشارات هاتفية حول حالات من الداخل، بعضهم من الأطفال (...) الأطفال يظهرون أعراض قلق أشد بالرغم من من الجهود المبذولة من الآباء لحمايتهم: من المستحيل، ببساطة، فعل ذلك. لم أتعامل مع حالات من الصدمات المباشرة، بل حالات من الصدمة الجماعية، من السهل رؤية كم هي مخيفة. استُشِرتُ أيضاً حول الزيادة في حالات الانتحار ومحاولات الانتحار. القلق كما الاكتئاب وحالات الانتحار أو الانتحار التظاهري يمكن أن تكون مظهراً لاضطراب ما بعد الصدمة PTSD لم يُحَلّ أو نتيجة مباشرة للصدمة".

يوضح الأطباء أنه لكي يوجد اضطراب ما بعد الصدمة فإن من الضروي أن يرى الشخص نفسه في خطر وشيك، أو أن تكون حياته مهددة، أو أن يكون في وضع يرى فيه أشخاصاً يموتون أو يُصابون. "هذا يمكن أن يصف جيداً الوضع في سوريا"، كما يرى الدكتور ي.س في تبادل للبريد الالكتروني. "أعراض اضطراب ما بعد الصدمة يمكن أن تبدأ مباشرة أو خلال فترة أسابيع أو شهور، لكنها عادة تستغرق ستة شهور منذ بداية الحدث الصادم. و كلما كانت التجربة أكثر قسوة، كلما ازدادت احتمالات حدوث اضطراب ما بعد الصدمة PTSD. الأحداث الأكثر تسبباً في الصدمة عادةً ما تكون تلك المفاجئة وغير المنتظرة، والتي تمتد وقتاً طويلاً، وتلك التي تستدعي البقاء محاصراً بدون إمكانية للهروب، والحادثة بفعل الإنسان وتتسبب في وفيات كثيرة وبتر للأعضاء أو فقدان الأذرع والأقدام، وتلك التي تؤثر على الأطفال. نعلم أنه في حال الاستمرار في التعرض لاضطراب ما بعد الصدمة، يصبح التحسن أمراً أكثر صعوبة أو مستحيلا"، يواصل الطبيب السوري المحترف كلامه.
الدكتور غازي أسود، واحد من أطباء مستشفى أنشأته منظمة البشائر غير الحكومية في مدينة طرابلس اللبنانية للعناية مجاناً باللاجئين، هو نموذج عن الحالة النفسية غير المستقرة للمدنيين السوريين. متحدر من مدينة حماة السورية، فرَّ إلى أوروبا عندما كان مراهقاً، في ذروة هجوم نظام حافظ الأسـد على مسقط رأسه عندما هلك، وفق روايته، "ثلاثون بالمائة من عائلته". لجأ إلى فرنسا لكي يعود إلى سـوريا عام2011، عندما كان نجل الديكتاتور، بشار، يتبع خطى والده. سافر سراً إلى مشفى ميداني في حِمص، حيث أمضى قريباً من العام للعناية بالمدنيين الجرحى. بعد التجربة، لا يشعر بالقوة الكافية للعودة لكنه يستمر في العمل، بإيثار، مع اللاجئين. كل حالة تؤثر عليه من الناحية العاطفية.
"قبل بضعة أسابيع، في منتصف الاستشارة أخبروني أن ابن شقيق لي في الثانية عشرة من عمره مات بطلقات قناص. أجهشت بالبكاء أمام مريضتي. لمفاجأتي، هي، أيضاً، أجهشت بالبكاء، على موتاها: انتهينا إلى مواساة بعضنا البعض"، يروي متأثراً. "لسنا علماء نفس، لكنني أقول إن تسعين بالمائة من المرضى الذين يمرون من هنا يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة"، يقول الدكتور أسود مع موافقة ثلاثة من الأطباء. "حتى نحن الأطباء منهكون نفسياً لرؤية أحوال مرضانا واحتياجاتهم. "كثيرون منا يداوون أنفسهم لكي نستطيع التحمل". في المركز، يوجد متطوع واحد فقط مؤهل في الصحة النفسية: طبيب الأمراض العصبية باسر خضر، الذي يقدم الاستشارة كل يوم سبت، متطوعاً، للتخفيف من الأمراض النفسية للاجئين. هو نفسه يشير إلى أنه، بالنظر إلى تأهيله المهني، لا يدخل "في حالات الصدمات النفسية الحادة. أعالج فقط الاكتئاب الشائع". يستقبل خضر حوالي عشرين مريضاً أسبوعياً يحتاجون إلى رواية تجاربهم العنيفة. البقية، لا يشعر أنه مؤهل لمعالجتهم.
"إحدى المشكلات الأكثر خطورة في سوريا هي أن قسماً معتبراً من المهنيين المحترفين في الصحة النفسية قد فروا من البلد، في سياق هجرة الأدمغة التي وجدت منذ بداية الثورة. معلومة مهمة: وفق منظمة الصحة العالمية، فإن الأطباء النفسيين التسعة الذين كانوا يعملون في حِمص، وكذلك نصف الأطباء، غادروا البلاد. من المستحيل معرفة ما إذا كانت المعلومات تنطبق على سوريا كلها، إلا أن أحداً لا يتصف بالتفاؤل. الدكتور ي.س تنقصه البيانات، لكنه يؤكد أن "أطباء كثيرين تركوا البلد والبقية تخطط لفعل الشيء نفسه". "في حالة الأطباء والممرضين، تُضاف حقيقة أنهم تعرضوا للتجريم من كلا الطرفين في النزاع، كما يشير إلى ذلك تقرير اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق في سـوريا، وهي قسم من المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.
"إحدى القضايا الأكثر خطورة في النزاع هي استعمال الجسم الطبي كتكتيك في الحرب. الكوادر الطبية والمستشفيات هوجمت بشكل متعمد وعوملت من قبل الأطراف في النزاع كأهداف عسكرية. مُنعت الرعاية الطبية على أسس سياسية وطائفية. تم توثيق حالات تعرض فيها  مدنيون سُنة للإكراه على يد القوى الأمنية بينما كانوا يتلقون العلاج الطبي"، كما يرد في التقرير.

"الكوادر الطبية التي تخدم في المشافي الحكومية لديها خشية مبررة من التعرض للعقاب في حال تقديم العلاج لأعضاء في الجماعات المسلحة المناوئة للحكومة. الأطباء والممرضون وصفوا كذلك حوادث اضطرتهم فيها قوى الأمن إلى تسجيل جثامين المقاتلين الذين تمت تصفيتهم على أنهم مرضى متوفون. الفرق الطبية في المستشفيات الحكومية تعبر عن خشيتها من التعرض للخطف من الجماعات المسلحة التي تعتبرهم موالين للدولة. تصرفات مشابهة تحوِّل المهنة الطبية إلى أداة، جارَّة أصحاب المهنة الإنسانية إلى الصراع".
بالرغم من أن المقاومة النفسية ضرورية للصمود في أي صراع، فإن القسوة الساحقة للحرب، حيث تُفقد عشرات الأرواح يومياً وسط خراب مدمر، تحوِّل الصدمة النفسية إلى مشكلة ثانوية. "أولاً علينا أن نعالج الإصابات البدنية"، يجادل الدكتور أسود من العيادة في طرابلس. "لكن الحاجة إلى رواية تجاربهم كبيرة جداً. الناس تريد الكلام. عنما يتوجه إليهم أحد الأطباء باهتمام، فإنهم ينفتحون".
نقص الأخصائيين النفسيين هي واحدة فقط من المشكلات التي يواجهها الأطباء. "لأسباب ثقافية، كثيرون من المرضى يفضلون عدم الكلام عن الجراح النفسية، رغم أنه من الشائع أن ينهار آخرون ويروون تجاربهم خلال العلاج. قبل بضعة أسابيع، استقبلتُ مريضة لم تخبر أسرتها بأنه قد مضى عليها شهران وهي تنزف. كانت قد أصبحت حاملاً بعد اغتصابها، ولم تكن تجرؤ على ذكر ذلك لأنها متزوجة"، كما يشرح مدير مشفى البشائر، هشام سليمان.
بين جميع اللاجئين، فإن الأمراض الأكثر وضوحاً هي التي تظهر عند الأشخاص الذين خضعوا للتعذيب في مراكز الاعتقال. حالات لأشخاص محروقين، مسلوخين، مبتورين، مغتَصبين، أو متعرضين لشحنات كهربائية، ليست نادرة في الجالية السورية التي وجدت ملاذاً في لبنان. كثيرون منهم، وفق المهنيين الذين يعالجونهم، تم إطلاق سراحهم لكي يتعرضوا لاحقاً للاعتقال والتعذيب مرة أخرى.
بين المنظمات غير الحكومية القليلة التي تقدم الرعاية النفسية للاجئين السوريين الذين يغرقون لبنان يبرز عمل Restart ، التي كانت قد جمعت خبرة في هذا المجال عندما كانت تقدم الرعاية للاجئين العراقيين، بين عامي 2005 و2010. هذه المنظمة غير الحكومية المتخصصة في إعادة التأهيل النفسي لضحايا التعذيب، بدأت قبل أربعة شهور بالعمل مع اللاجئين السوريين، سواء أكانوا من المتعرضين للتعذيب أو لم يكونوا. يكرس مركزان، واحد في طرابلس والآخر في بيروت، كادرهم المهني -من بينهم أطباء نفسيون، أخصائيون نفسيون، أطباء أمراض عصبية، معالجون فيزيائيون- لهؤلاء المرضى، المرسلين من قبل منظمات غير حكومية أخرى تنقصها الفرق المتخصصة في الصحة النفسية.
"في حال المرضى السوريين، فإن السياق السياسي شديد التعقيد والتفاعل بين سوريا ولبنان  يؤثر كثيراً، فالخوف يطغى عليهم. في بعض الأحيان، لا يريدون حتى الاقتراب من المنظمات غير الحكومية. يجدون صعوبة في الاعتراف بأنهم ضحايا للتعذيب ويرفضون بشكل كامل بروتوكول استانبول لخوفهم من أن توشي بهم المنظمة غير الحكومية إلى النظام أو إلى المعارضة". توضح المديرة، سوزان جبور. "يعتقدون أن الأمن غير مضمون في لبنان لأن الأطراف السياسية متورطة في سوريا. لايستوعبون أننا مهنيون محترفون في القطاع الصحي وأن السرية هي أمر أساسي".

جبور، التي اعتادت العناية شخصياً بالمرضى، تتحدث عن "خوف مطلق". تؤكد أن المرضى العشرين الذين يحضرون لاستشارتها في بيروت هم ضحايا "التعذيب واضطراب ما بعد الصدمة PTSD ". بعد انقضاء عامين على البداية، ظهرت المشكلات النفسية بين السكان المدنيين. عقب أي حادث صادم، هناك كرب حاد. بعد انقضاء أسابيع، هناك أناس يتجاوزونه، أو يستطيعون العيش معه، وهناك من يتطور لديهم كرب مزمن. إذا لم يتم تجاوزه خلال ستة شهور، يمكننا التحدث عن  اضطراب ما بعد الصدمة ".
في مكتبها في بيروت، ثمة عشرة من المرضى يتحاشون النظر في العيون في صالة الانتظار. "ينبغي أن نفهم أن اللاجئين يفقدون كل شيء. من الصعب أن نفهم أو نستوعب أو نتقبل فظاعة الحدث الذي عانوا منه. قد يحتاج الأمر إلى عام كامل للتكيف وفهم أنهم يحتاجون مساعدة للتعامل معه". بالنسبة إلى الصدمات البدنية للاجئين المتعرضين للتعذيب، تؤكد الدكتورة جبور أن "من المستحيل تخيل ما رأيتُه. عندي حالة لمريض أمضى ثلاثة شهور في سجن سوري. كان ينام على الجدار لأنه لم يكن هناك مكان للاضطجاع على أرض الزنزانة. انتهى بظهر مسلوخ من التعذيب. يعاني حالةَ اضطراب ما بعد الصدمة حادةً، لا يأكل، تراوده الكوابيس، ويعاني من حالات تذكر للماضي متواصلة. لا يتمكن من إغلاق عينيه جراء الخوف من التذكر، لا يجرؤ حتى على المشي في الشارع خوفاً من أن يتم التعرف إليه".
حسب مديرة Restart فإن الهدف من هذا التعذيب البدني والنفسي هو "تحطيم الشخصية، خلق أموات أحياء". الأكثر بشاعة هو أن الأمر يتعلق بعمليات تعذيب "منهجية، تطبق على أي نوع من المحتجزين. هناك أناس يهربون لأنهم لا يستطيعون تحمل ما يشاهدونه. استقبلنا حالتين لعناصر من الجيش السوري الحر هربا لأنهما لم يستطيعا التحمل. قالا إن القتل يتم بالسكاكين. عانينا من الصدمة من مجرد الاستماع إليهما".
تشرح جبور بالتفصيل كل نوع من أنواع التعذيب، الاعتداءات الجنسية في السجون على الرجال والنساء حيث تستخدم الحيوانات وكل نوع من الأجسام... زميلتها سناء حمزة تشير إلى تقنية أخرى: تلطيخ الجسم بالمربَّى قبل ترك السجين في العراء. "يمكن أن يقال إن كل مجتمع اللاجئين تحت الصدمة الجماعية. غادروا البيوت، المدارس، الحياة الطبيعية، والأمان المالي. البناء الأسري ينهار، ذلك أن النساء بقين ليتحملن مسؤولية الأطفال وحدهن".
أضف إلى ذلك أن الاعتداء لا يؤثر على الشخص المعذَّب وحده. "عادةً ما يُعذِّب المُعذَّب إذا وجد الفرصة أو القدرة لفعل ذلك. الضحية تتحول إلى معتد وكل أسرته تعاني جراء ذلك. إذا لم يتلقوا المساعدة النفسية، فمن الممكن أن يعتدوا  في محيطهم وأن لا يتمكنوا من الاندماج في المجتمع"، تشرح سناء حمزة. "لا أرى مستقبلاً للضحايا"، تشدد الدكتورة جبور. "الأسوأ لمَّا يأت بعد فهم مدمرون تماماً. ليس لديهم أي شيء لبدء حياتهم من جديد وتنقصهم الرغبة الأساسية للحياة". كانت الدموع تفر من عيني الدكتور غازي خلال المقابلة. "أنا نفسي أتناول مضادات الاكتئاب. سـوريا كلها تحتاج علاجاً نفسياً".


                 




http://www.cuartopoder.es/elfarodeoriente/toda-siria-necesita-asistencia-psicologica/4327

Friday 19 April 2013

ما هو عدد القتلى في سـوريا الذي يوازي قتيلاً واحداً في بوسطن من الناحية الإعلامية؟




ما هو عدد القتلى في سـوريا الذي يوازي قتيلاً واحداً في بوسطن من الناحية الإعلامية؟


ألبرتو سيسيليا


أحبُّ بوسطن. هناك عشتُ قبل بضعة أعوام بينما كنت أعملُ باحثاً في جامعتي بوسطن  وهارفارد. وهناك تركتُ الكثير من الأصدقاء.

هذا الشتاء أمضيتُ بضعة أسابيع في حلب، المدينة سورية التي مزقتها الحرب. حوالي منتصف ليلة الثامن عشر من شباط| فبراير، دمَّر صاروخ سكود كتلة سكنية كاملة في حي جبل بدرو. مات سبعة وأربعون شخصاً، ثلاثة وعشرون كانوا أطفالاً.

تلك المأساة احتلت بالكاد بضعة أسطر في صحفنا ولم تتصدر أية نشرة أخبار تلفزيونية.

لماذا يشكِّل بعض الموتى خبراً ولايفعل ذلك آخرون؟ بدا لي ذلك على الدوام سؤالاً يستحق أن يتأمل المرء فيه، لكنني مازلت لم أعثر على جواب يقنعني.

بطبيعة الحال، لا يتعلق الأمر بنقاش حول: سـوريا مقابل الولايات المتحدة الأمريكية. مَن يقول حلب يمكنه أن يقول بغداد أو مقديشو. ومن يتحدث عن بوسطن يمكنه كذلك أن يتحدث عن غرق السفينة كوستا كونكورديا.

ربما هي مسألة تقمص عاطفي (تشاعر) Empathy: يبدو أنّه من الأسهل بالنسبة إلينا أن نتخيل أنفسنا في حالة كتلك التي في بوسطن من أن نتخيل أنفسنا في حالة كتلك التي في حلب. لكن، والحال هكذا، هل يكون الأمر تقمصاُ عاطفياُ أم أنانيةَ؟

يقينياتي الوحيدة هي الآتية:

أولاً- العالم هو مكان أفضل إذا كنا قادرين على الشعور بمعاناة بوسطن.

ثانياً- طالما أننا لا نتمكن من الاقتراب من آلام كائنات بشرية تعيش حيواتٍ شديدة الاختلاف عن حيواتنا، فإن العالم سيبقى مكاناً كريهاً.

ما هو رأيكم؟ هل يبدو السؤال ذا مغزى بالنسبة لكم؟ هل من جواب ما عندكم؟







http://www.principiamarsupia.com/2013/04/16/cuantos-muertos-en-siria-equivalen-informativamente-a-uno-en-boston/

Sunday 14 April 2013

أن تدفع مالأ لكونك لاجئاً




أن تدفع مالأ لكونك لاجئاً

مونيكا بريتو- موقع: بريوديسمو اومانو


(بر إلياس- لبنان)- بعد معاناته لعامين من الاضطراب السياسي والنزاع الحربي، عبر أبو خالد الحدود السورية- اللبنانية قبل عشرة أيام بالكاد. بصحبة زوجته وولديه، ترك خلفه مسقط رأسه حِمص للبحث عن ملجأ في لبنان: بعد تجاوز المعبر الحدودي، توجهوا إلى منطقة بر إلياس، حيث كانوا يعلمون أن جيراناً آخرين كانوا قد استقروا في خيم بائسة، الشيء الوحيد الذي يستطيعون دفع ثمنه في بلد الأرز. لكن عند وصولهم إلى الميدان، الواقع خارج القرية، جاء رئيس عمال سوري ليبحث عنهم باسم مالك العقار. "قال لي: إذا لم يكن لديك مال، فليس لك الحق في خيمة". بقينا تلك الأيام مع عائلة أبو محمد، وفي النهاية استطعنا الحصول على قرض لكي ندفع"، يشرح لنا ووجهه يتلألأ من العرق بينما يتهيأ لبناء خيمته الخاصة، يساعده جيرانه الجدد.

يصف أبو خالد وأبو محمد ألواح الخشب الهشة التي ستنفع كدعامة لأكياس القماش الفارغة والبلاستيك. حولهم، مقيمون آخرون في مخيم اللاجئين يساعدونهم في بناء المسكن المتزعزع أو يقدمون لهم النصيحة. "في لبنان، ينبغي أن تدفع لكل شيء"، يشرح أبو محمد ملوحاً بالمطرقة التي يثبت بها المساميرعلى الخشب. "كل ستة أشهر، يأتي المالك لتحصيل إيجار الساحة: مائتا ألف ليرة لبنانية (مائة يورو). عدا عن ذلك، ينبغي علينا أن ندفع من أجل المواد اللازمة لبناء الخيم، الماء والكهرباء...).

بالرغم من كونه البلد الذي يوجد فيه أكبر عدد من اللاجئين السوريين في كل المنطقة، فإنه ما زال الوحيد الذي لم يُعد مخيمات لاستقبال ثلاثمائة وخمسة وعشرين ألف شخص يُقدَّر أنهم وجدوا ملاذاً -معظمهم بطريقة غير شرعية - بعد عبور الحدود السورية. خلال عام ونصف العام، صنفت الحكومة -المكونة من عدة أحزاب سياسية قريبة من حزب الله، حليف بشار الأسـد- صنفت أولئك الذين يهربون على أنهم ضيوف –طريقة لتجنب واجب تحمل مسؤولية النفقات الناجمة عن مجرد وجود اللاجئين- إلى أن شاركت بيروت مؤخراً في مؤتمرات المانحين المخصصة -بلاغياً على الأقل- للحد من سوء وضع المدنيين الفارين من سـوريا. إلا أن إقامة مخيمات لاجئين هي مسألة محرمة Tabu في لبنان، على الأرجح بسبب التجربة الفلسطينينة: الاثنا عشر مخيماُ التي أقيمت بعد حربي 1948 و1967 لا زالت تؤوي أربعمائة ألف شخص والدور المظلم لفصائلهم المسلحة في الحرب الأهلية ما زال في الذاكرة الجماعية.

يُقدَّر أن ثلث اللاجئين السوريين يُستقبلون مجاناً من قبل مواطنين لبنانيين، خاصة في محافظة وادي خالد الشمالية، حيث السكان السُنة متماهون تماماً مع الثورة السورية ويحتفظون بروابط أسرية أو قبلية مع العائلات السورية على الجانب الآخر من الحدود، وكذلك في وادي البقاع. وكلاهما يُحسبان بين الأقاليم الأكثر فقراً في لبنان. البقية يضطرون للدفع من أجل العيش: الأكثر ثراء شغلوا الشقق في بيروت، طرابلس أو صيدا بينما الأكثر فقراً ينبغي عليهم أن يتلاءموا مع ما يمكن أن يتاح لهم: من كراج أو محل تجاري قديم -كثيرون يُؤجَّر لهم الطوابقُ العليا من المحال، المخصصة أصلاً كمخازن، كأماكن للإقامة- أو خيم اللجوء البسيطة التي تتكاثر في وادي البقاع ووادي خالد، التي تحولت إلى تجارة بعد عام ونصف العام على بدء لبنان في استقبال اللاجئين.


التدفق الهائل للمدنيين كان سبباً في ظهور مخيمات "خاصة" للاجئين: أراض مؤجرة  شهرياً فصلياً أو سنوياً لضحايا الحرب من أجل  تحقيق عائد من وجودهم. وفق مجلة Le Commerce Du Levant  ، هم ستة آلاف لاجىء على الأقل الذين يستأجرون أراض في وادي البقاع من أجل نصب خيامهم فيها.

في مخيم أبو خالد وأبو محمد، حيث توجد حوالي خمس عشرة خيمة تقيم فيها عشرون أسرة قادمة من حِمص -"بعضهم لا يمكنهم إقامة خيمتهم الخاصة"، كما يشرح أبو محمد- يطلب المالك الدفع فصلياً. على بعد خمسة كيلومترات، في ما يُعرف بمخيم فاطمة- السورية الأولى التي استقرت في المرج، قبل عام من الآن، قادمةً من إدلب - يؤكد المقيمون أنهم يدفعون خمسة ملايين ليرة لبنانية (ألفان وخمسمائة يورو) سنوياً من أجل استئجار الأرض فقط. "الباقي ندفعه نحن"، يشرح أبو محمد، رأس عائلة من ستة عشر شخصاً. "نذهب إلى المحال التجارية اللبنانية ونشتري المواد".

مقيمون آخرون يطلون من خيمهم الخاصة. في هذا المخيم المرتجل يقيم ما بين ثلاثين إلى أربعين أسرة من سوريا كلها، من إدلب، حلب أو الرقة -في الشمال - إلى دير الزور، عند الحدود مع العراق. "كان علينا عبور سوريا كلها، لكننا لم نكن نريد أن ننتهي إلى مخيم لاجئين تركي أو أردني. فهنا لدينا على الأقل الحرية للدخول والخروج، وللبحث عن عمل" يقول أبو محمد، ستة وعشرون عاماً، الذي وصل قبل عشرين يوماً قادماً من حلب مع زوجته وثلاثة أولاد.

في مخيمات منطقة بر إلياس، في وادي البقاع الخصب، نجح بعضهم في التوظف كعمال مؤقتين. مالكو المساحات المزروعة التي يحصدونها هم أنفسهم الذين يؤونهم ويقبضون ثمن إقامتهم. الكهرباء والماء ليسا متضمنين في الثمن الذي يدفعه أبو أحمد وأبو إبراهيم، والإيجار يجب دفعه مقدماً. "نعمل في الصيف والشتاء، وبهذا نستطيع الدفع. من وصل أخيراً ولايستطيع دفع الإيجار، نحن نساعده"، تقول فاطمة، وسيجارة دائمة بين أصابعها. "نحن هنا بخير لأنه ليس علينا أن نتسول لكي نعيش"، تقول مشيرة إلى الوضع في مخيمات اللاجئين في الأردن أو تركيا، حيث الحالة البائسة تُضاف إلى استحالة مغادرة المخيمات، ومن ثم، البحث عن عمل.

الفارق الكبير عن المخيمات الرسمية في تركيا أو الأردن هو أنه، في لبنان، لا توجد مساعدة إنسانية متوفرة لضحايا الحرب السورية. يجب على اللاجئين أن يدفعوا النفقات الطبية والتعليمية، وهذا يمنع الأرقَّ حالاً -كما هو حال جميع المقيمين في هذا النوع من المخيمات الخاصة- من إرسال أولادهم إلى المدارس. "في حرب عام 2006 (عندما قصفت إسرائيل لبنان لأكثر من شهر) استقبلنا اللبنانيين في سوريا. أدخلناهم في بيوتنا، لم يكن عليهم أن يدفعوا شيئاً. عندما وصل اللاجئون من العراق، حصلوا على التعليم وخدمات النظام الصحي المجاني. انظري إلى الحال التي وضعونا فيها"، يشدد أبو أحمد.

في مخيم فاطمة، يؤكد المقيمون أنهم يكسبون حوالي عشرة آلاف ليرة لبنانية (5 يورو) عن كل يوم عمل في الحصاد. تسعيرة مشابهة تجبر كل العائلة على العمل، بمن فيهم الأطفال، الذين لا يستطيعون حتى أن يحلموا بالعودة إلى المدرسة. الحرب أبعدتهم عن الصفوف لمدة عامين حتى الآن، وفي الظروف الحالية لا عودة ممكنة. على بعد كيلومترات قليلة، في الفضاء حيث ينصب أبو خالد وأبو محمد خيمة جديدة، يمكن إحصاء حوالي ستين قاصراً: الذكور الأكبر سناً يلعبون بتكميم وجوههم بالمناديل وترديد شعارات ثورية بينما الأصغر سناً يجمعون الماء من إحدى القنوات التي تروي الحقل، الملوثة بشكل واضح للنظر. البنات، الناضجات فجأةً نتيجة لبؤس الحرب يهززن الأطفال الرضَّع، بينما أمهاتهن ترقعن المفارش أو تغسلن الثياب وهن مقرفصات.


في ميدان آخر قريب، على بعد كيلومترين بالكاد، تُرفَع مجموعة أخرى من الخيام مع ظهور مكب للقمامة. إنها حوالي ثلاثين هيكلاً أساسياً من الخشب مستورة بأسلاك شائكة، مغطاة بالقماش أو البلاستيك، وفي أحيان كثيرة، بملصقات من المراكز التجارية المجاورة. "نحن اعتدنا على القدوم إلى لبنان للعمل في الزراعة"، يوضح أبو ياسر، خمسون عاماً، القادم من الرقة. "عندما بدأت الأزمة قررنا عدم العودة"، يتمتم بينما يجمع بقايا قشر البرتقال، إفطار اليوم لأولاده العشرة. يدفع أبو ياسر مائة ألف ليرة لبنانية شهرياً (50 يورو) لمالك الأرض الذي مضت عليه سنوات وهو يتعاقد معه من أجل العمل في الزراعة. "نحاول إرسال الأولاد الأصغر سناً إلى المدرسة، لكنهم في المدرسة يطلبون منا مليون ليرة لبنانية في السنة"، تقول زوجته مداعبة الأصغر من أبنائها، الطفل ذا العامين.

اثنان من الأطفال، سبعة وتسعة أعوام، يغفوان على مفرش خارج الخيمة، عند قدمي والدهما، الجالس على كرسي من البلاستيك ذي لون غير محدد. "نحن لم نسجل لدى الأمم المتحدة لأنهم لا يعطوننا شيئاً. إنهم كاذبون، يعدون فقط ولا يوفون أبداً. مثل الحكومات، كلهم سارقون. اللبنانيون يستغلوننا، نحن ساعدناهم والآن يتركوننا في البؤس. وكالة الأمم المتحدة للاجئين تعترف بأن الوضع يفوق طاقتها، وتؤكد أنها تسجل يومياً 1500 لاجىء جديد في لبنان.


في المخيم الأول، نصف المقيمين ما زالوا في انتظار أن تجعل وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وجودهم نظامياً، لتتيح لهم بهذه الطريقة قبض الثلاثين دولاراً عن العائلة التي توزعها الأمم المتحدة بشكل مساعدة إنسانية. "أنا حاولت أكثر من عشرين مرة، ذهبت إلى مكاتبهم، مقدماُ أوراقنا وما زلت أنتظر أن يتصلوا بي ليؤكدوا تسجيلي"، يتأسف أبو محمد، الذي يُقدِّر أن أكثر من ثلاثين مخيماً زائفاً للاجئين قد ظهرت في المناطق المحيطة ببر إلياس.

رئيس البلدية، ناجي محمود الميس، يؤكد تدفق اللاجئين السوريين الهاربين من الحرب. "في الأسبوعين الأخيرين وصلت أربعمائة أسرة، وهذا لم يحصل قط من قبل"، يصرّح متكئاً على كرسي من الجلد بينما يتحادث مع بعض السكان في مكتبه. "نراقب بشكل كبير حالياً الهجوم على دمشق لأن لاجئين كثيرين يأتون من هناك. آخرون كثيرون هم من حِمص في الأصل ولجأوا في حينهم إلى العاصمة والآن يهربون منها". "في لقاء رسمي عقد في بيروت، أكد الممثل الدائم لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية روبرت واتكينز هذه الزيادة. "في الشهور الأخيرة زاد عدد اللاجئين بشكل معتبر. لوحظت زيادة بنسبة 400% مقارنة بالأرقام المسجلة قبل أقل من عام".

يقدر رئيس بلدية بر إلياس أن اللاجئين أقاموا في خمس مناطق مختلفة من المدينة، حيث تظهر مخيمات صغيرة مثل الفطر. "كثيرون يعيشون في شقق، لكن لم يبق لدينا المزيد من المعروض. وذلك بالرغم من اشتعال الأسعار"، كما يؤكد. الوضع الجغرافي للمنطقة، على بعد خمسة عشر كيلومتراً من معبر المصنع الحدودي، يفسر الظاهرة. "كثيرون لا يذهبون  إلى ما هو أبعد، يبقون قريبين من هنا" يؤكد الميس. في عنجر المجاورة، على بعد كيلومترات قليلة وأكثر قرباً من سوريا، انتهى اللاجئون إلى البحث عن اللجوء حتى في الأطلال الرومانية في المدينة، وفق ما يقوله السكان. مصانع قديمة مهجورة تحولت أيضاً إلى ملاجى مرتجلة من أجل الذين لا يملكون شيئاً".


"لدينا 2200 أسرة مسجلة، ويجب أن نقدِّر وجود حوالي سبعة أعضاء في كل واحدة منها. في المجمل، لدينا خمسة عشر ألف لاجى في في بلدية تضم خمسة وأربعين ألف ساكن"، يقدر رئيس بلدية بر إلياس. الأرقام الرسمية للاجئين لا تحصي، بالرغم من ذلك، العمال السوريين المستقرين في لبنان، وكثير منهم يدخلون حالياً في فئة اللاجئين ذلك أنهم لم يستطيعوا العودة، بسبب الحرب، إلى سوريا لتجديد وثائقهم وبقوا في متاهة قانونية في لبنان. حسب الحكومة اللبنانية، هم أكثر من 900000 المواطنون السوريون الموجودون حالياً على الأراضي اللبنانية، مع سكان محليين يقلون عن أربعة ملايين نسمة. إن وجودهم، مع الانقسامات السياسية الداخلية، والحوادث المسلحة، وضغائن الحرب الأهلية، والحرب السورية، إن كل ذلك يعني قنبلة موقوتة تهدد بتفجير لبنان.













http://periodismohumano.com/en-conflicto/pagar-por-ser-refugiados.html