Wednesday 6 November 2013

لاجئو الزعتري، مأساة سـوريا




لاجئو الزعتري، مأساة سـوريا


دييغو لوبيث غارِّيدو** - صحيفة الباييس الإسبانية


الأثر الناجم عن موت المهاجرين في البحر المتوسط -مرة أخرى- ينضم كذلك إلى الزيادة الكبيرة في اللاجئين في بلدان منطقة هي الأكثر اضطراباً على الكوكب بالتأكيد. أحد هذه البلدان هو الأردن، الذي يتحمل عبء هجرة هو على بعد سنوات ضوئية من ذلك الذي تشتكي منه دول جنوب أوروبا. هنالك، في الأردن، يوجد الزعتري.
الزعتري هو مخيم للاجئين قريب من الحدود مع سـوريا. تعيَّن على الحكومة الأردنية افتتاحه في أيار| مايو من العام السابق أمام تدفق عشرات الآلاف من الأشخاص الذين كانوا يفرون من حرب قضت على مائة ألف إنسان. من المنطقي أن الأجواء في المخيم مناهضة للأسـد.
زرتُ ذلك المخيم يوم الثلاثاء 24 أيلول| سبتمبر، برفقة وفد من الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي (الناتو). وكما أوجز لنا المسؤول في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، فإن الزعتري هو التعبير الأقرب للحقيقة عن الأزمة المأساوية في سـوريا.
اندلعت الحرب الأهلية السورية في آذار|مارس 2011. بدأت مع المطالبة بالحرية في مدارس مدينة درعا، في رمزية لأولئك الذين كانوا المتضرر الأكبر من الشتات الكبير الناتج عن المواجهة العسكرية: الأطفال.
يُقدر أنه، من الـ 22 مليون من السوريين الذين يشكلون (أو كانوا يشكلون) جزأً من ذلك البلد، يوجد أربعة ملايين هم نازحون في سـوريا نفسها ومليونان هم لاجئون (نصفهم من الأطفال) في مصر، لبنان، تركيا أو الأردن. في هذا البلد الأخير يوجد ستمائة ألف لاجىء، مائة وعشرون ألفاً منهم في مخيم الزعتري.
الأفق أمامهم هو حرب قد تستمر لسنوات. ولهذا، لا يعني الشيء الكثير، بالنسبة لمن يعيشون في خيام الأمم المتحدة منذ شهور، الإجراءُ المتفق عليه في نيويورك بين الدول الخمس صاحبة حق النقض في مجلس الأمن حول تحديد ونقل وتدمير الأسلحة الكيميائية المحظورة بموجب الاتفاقيات الموقعة حول الحق الإنساني. كائناً ما كان الذي سيحدث في ســوريا، فإن الكارثة الإنسانية لا رجعة فيها. ليس علينا أكثر من أن نرى ما يجري كل يوم في الزعتري. هنالك يوجد 64000 طفل، لا أقل (يولد عشرة كل يوم في المتوسط). من بينهم عشرة آلاف فقط يحضرون لتلقي الدروس. البقية هم جيل ضائع إلى أمد غير معلوم.
في الزعتري، يلعب الدور الأساسي في حوادث النظام العام هؤلاء الأطفال بشكل خاص، الذين اجتاح حياتهم جو من العنف، والذين لا يمكن أن يُقدَّمَ لهم أمل بحياة موثوق بها. يشعرون بالمهانة عندما ينظر إليهم الزوار بفضول أو يصورونهم، وهو أمر نُصِحنا بعدم فعله.
العاملون في الزعتري يعترفون بعجزهم عن التصدي لحالات لا تُحصى من إساءة معاملة النساء والأطفال تحدث دائماً في هذه الأرض الغريبة، المخيفة وغير المضيافة،  التي هي مخيم اللاجئين.
الجميع تركوا أشياء مهمة في سـوريا: بيوت، ممتلكات، أُسَر، أصدقاء، أحبة. يصعب استرجاعها. ليس بوسعهم الاعتقاد بعرَضية إقامتهم في المخيم. لهذا ربما يحاول بعضهم بيع الأشياء الأكثر استبعاداً في المحال الصغيرة -إذا صح تسمية الأكشاك هكذا- التي تنتصب في الشارع الرئيسي في الزعتري، الذي يبدأ من نقطة فيها لافتة تقول: "جادة الشانزليزيه".
لا أحد يمتلك الحد الأدنى من الطمأنينة حول ما سيكون عليه مستقبله، ولا حتى الأكثر قرباً. وفق ما يقوله الممثلون المتميزون للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين واليونيسيف ومنظمات أخرى في المنطقة، فإن العناية باللاجئين تكلف ثلاثين مليون دولار يومياً. في الوقت الحالي، ثمة ما يكفي من الأموال حتى تشرين الثاني| نوفمبر فقط. ما بعد ذلك، غير معلوم. توجد كلمة تُعَرِّفُ هذا الوضع: لا يُحتَمَل.
التفكير بأن ما يجري في العالم الأسود للنازحين أو اللاجئين لا علاقة له بنا هو خطأ، وإضافة إلى ذلك، غير مُجْدٍ. سـوريا قريبة جدأ. والأمن والتقدم الاجتماعي والاقتصادي صارا شيئين لا يتجزآن. 
نحن الأوروبيين لم نلعب دوراً بارزاً في المفاوضات بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا للتوصل إلى اتفاق حول تدمير الأسلحة الكيميائية الواقعة تحت سلطة الدولة السورية. لا يبدو كذلك أننا سنلعب هذا الدور في مؤتمر السلام المرغوب به "جنيف 2" إذا ما تم انعقاده (إحدى الفصائل الثورية المتعددة انسحبت منه للتو). وكذلك في الاتفاق الإقليمي الضروري -في أزمة تتدوَّل منذ بدايتها- بين الجانب الشيعي الموالي للأسـد (إيران، حزب الله) والجانب السني المناوىء للأسـد (العربية السعودية، قطر، تركيا)، مع لبنان والعراق المنقسمين.
لكن، ثمة أمر يمكن للاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، ومن بينها إسبانيا، عبر الميزانية، أن يفعلوا به الكثير. لقد قاموا به بالفعل، لكن بطريقة غير كافية. أشير، كما هو واضح، إلى المساعدة الإنسانية والتعليمية للاجئين، وهي الوجه الأسوأ للمأساة السورية. وأشير، بطبيعة الحال، إلى مخيم الزعتري، الذي توجد عند مدخله لائحة بأهم الأولويات، بندها الأول هو الماء وبندها الثاني هو الماء أيضاً. إذا كنا لم نستطع الحؤول دون اندلاع  حرب سـوريا وسقوط الآلاف من ضحاياها، وإذا كنا ما نزال غير قادرين على إنهائها، فلنقم على الأقل بما هو ضروري لكي لا ينضاف إلى الذين ماتوا في ساحة المعركة الكبيرة تلك التي تمثلها المدن المزيدُ من ضحايا الجوع والعطش والأمراض بين ملايين اللاجئين، وخاصة الصغار والصغيرات من الأطفال. ذلك هو التهديد الأكبر للجيل الضائع في سـوريا.




** نائب اشتراكي، ونائب رئيس المجموعة الخاصة بالبحر المتوسط والشرق الأوسط في الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي (الناتو).





http://elpais.com/elpais/2013/10/08/opinion/1381224825_691036.html