Monday 27 April 2015

يحدث في حلب




يحدث في حلب

اينييغو ساينث دي أوغارتي- الدياريو الإسبانية


مائة من الأطباء هم كل العون الطبي المهني الذي يتلقاه سكان حلب المدنيون في المنطقة التي تسيطر عليها قوات الثوار. وقد بينت منظمة أطباء بلا حدود إلى أي درجة تحولت هذه المدينة، التي كانت من قبلُ المدينة السورية الأكثر سكاناً، إلى شَرَكٍ قاتل لأولئك الذين لم تكن لديهم وسائل كافية للفرار منها. يتولى هؤلاء السبعة والتسعون طبيباً، ولم يكملوا جميعاً تأهيلهم الطبي، العناية بالقسم الشرقي من المدينة، حيث يعيش الآن حوالي ثلاثمائة ألف شخص.
صارت حلب منقسمة إلى قسمين. المنطقة الغربية تسيطر عليها الحكومة، وعلى الرغم من معاناتها الكثير من الحرمان في الإمدادات فإنها لا تواجه الكثير من المخاطر. المنطقة الشرقية تحت سيطرة مجموعات الثوار وهناك تتسبب الهجمات الجوية التي تشنها مروحيات جيش النظام بما يسمى (البراميل المتفجرة) بسقوط أعداد كبيرة من القتلى والمصابين. إنها براميل مليئة بالمتفجرات والشظايا تُرمى من المروحيات بطريقة عشوائية لتنفجر عند اصطدامها بالأرض.
"تُلقى البراميل المتفجرة على أي تجمع للمدنيين أو من أجل تدمير بناء ما"، كما وضح في مكالمة عبر الفيديو كارلوس فرانسيسكو الذي ينسق عمل منظمة أطباء بلا حدود في المنطقة لكن من خارج سـوريا "يلقونها على مناطق شديدة الازدحام بالسكان للتسبب بأكبر ضرر ممكن".
النتيجة المباشرة لهذه الهجمات هي زيادة عمليات البتر للمصابين، "النقص في المعدات الطبية وفي العناية ما بعد الجراحية حمل الأطباء على إجراء عمليات بتر كان من الممكن تفاديها في ظروف أخرى أفضل"، يقول تقرير لأطباء بلا حدود حول آثار الحرب على هذه المدينة.
بالنسبة للجرحى، إن الأسوأ لم ينتهِ مع الصدمة. فمن المستحيل تقريباً الحصول على كرسي متحرك في حلَب، ويصعب الحصول على الأطراف الاصطناعية البديلة وإعادة التأهيل الضروريين. "هذا يسبب لمبتوري الأعضاء المزيد من الضعف، كما أنه يجعل قدرتهم على الحركة محدودة في مدينة حيث الناس يسارعون إلى الجري حالما يسمعون ضجيج طائرة أو مروحية".
بعد شتاء صاحَبَهُ طقس سيء في جزء كبير من الشرق الأوسط، جاءت الأيام المشمسة ومعها يعيش الناس خوفاً حقيقياً في حلب. فالأيام الضبابية أو الغائمة تعيق عمل المروحيات وتريح سكان المدنية. أما الأيام الصاحية فهي الأكثر خطورة.
هجمات مباشرة على المستشفيات
المستشفيات والكوادر الطبية هي أيضاً أهداف للهجمات، على الرغم من أن القانون الدولي يعد ذلك جريمة حرب. كلا الجانبين ارتكبا هذه الجرائم (؟)، لكن في حلب، المتواتر هو أن المراكز الصحية التي تتعرض للهجمات هي في المنطقة الشرقية. ممثلو منظمة أطباء بلا حدود يفضلون عدم تأكيد أنها استراتيجية متعمدة من جانب حكومة الأسـد، لكن البيانات التي يقدمونها دالَة. "الإحصاءات تتكلم عن نفسها"، تؤكد تيريسا سانكريستوبال "إذا لاحظت عدد المستشفيات التي تعرضت للقصف، وأنها تغير أماكنها وفي اليوم التالي تعود لتتعرض للقصف، فإنك ترى أنه ما من نية لاحترام المراكز الصحية".
سكان حلب يعرفون ذلك إلى حد أنهم يعتبرونها أماكن خطرة. "بحثنا عن مكان لإقامة مستشفى، وفي أربعة أماكن رفض السكان السماح بذلك، لأنهم قالوا إننا إذا أقمناها هناك فإنها ستتعرض للقصف في نهاية المطاف".
قد يصبح الوضع أسوأ إذا تمكنت القوات العسكرية من إحكام الحصار على المنطقة الشرقية من المدينة. ثمة طريق وحيدة هي بوابة الحصول على الإمدادات القليلة التي تصل إلى هذه المنطقة. وهي تتعرض للهجمات كل يوم تقريباً وفي أيام كثيرة لا تستطيع الشاحنات المرور عبرها، لكنها مع ذلك تسمح بوصول بعض الإمدادات الطبية. إذا تمكن الجيش من فرض سيطرته الكاملة عليها، فسيحدث ما حدث في حِمص. الحكومة ستترك لهم فقط  الخيار بين الاستسلام والقبول بمغادرة حلب أو معاناة حصار مستمر.
تقول كريستوبال إن الأشخاص الوحيدين الذين بقوا في المدينة، إضافة إلى المقاتلين، هم من ذوي المستوى الاجتماعي الاقتصادي المتواضع، والمسنون، والفقراء، والأشخاص الذين لا قابلية عندهم للحركة، على الرغم من بقاء عائلات كثيرة بأكملها أيضاً. الناس الذين يمتلكون المال، أو الذين احتفظوا ببعض المدخرات، كانوا قد غادروا المدينة منذ زمن طويل".
شهادات الضحايا
"كانت لدينا في الآونة الآخيرة حالة مروعة. بعد فترة من القصف المكثف، حصل تدفق كبير للمصابين إلى المستشفى. جاءت عائلة بأكملها كانت قد حاولت، بحثاً عن الأمان، الهرب إلى تركيا. قضى اثنان من الأولاد في الهجوم. ومن البقية، فقد نديم، طفل في الثانية عشرة من عمره، ساقه. شقيقه أمجد، رضيع في شهره التاسع، فقد كلا قدميه. الأم كانت ساقها مكسورة. لكن الأسوأ من ذلك كله كان عندما ودع شقيقهم الآخر، وعمره أربعة أعوام، والدته بينما كنا نحمله إلى غرفة العمليات لبتر النصف السفلي من جسمه. أن تشهد هذه القصص هو شيء رهيب، ويصبح الأمر أكثر صعوبة عندما تشعر بأنه لا يمكنك معالجتها على نحو ملائم ذلك أنك تفتقر إلى المعدات والأطباء".
شهادة من طبيب في مستشفى السلامة، بحلب، جمعتها منظمة أطباء بلا حدود.
"المدهش أن حقائبنا جميعاً كانت موضَّبة ... طوال الوقت! تحسبأ لأي طارئ. حقيبتنا كانت جاهزة عند الباب دائماً، مع مقتنياتنا الأكثر قيمة من الناحية العاطفية أو المادية، فيما لو اضطررنا للهرب فجأةً. ذلك ما كان يذكرنا بحالتنا على الدوام كما لو أننا في فقاعة غير حقيقية توقف فيها الزمان. كل النسوة في حلب بدأن بالنوم بكامل ملابسهن، بالحجاب وغيره، في حال لو سقطت البراميل المتفجرة أثناء الليل وطالتهن ومِتن بملابس النوم (البيجامات)! يبدو الأمر غريباً، لكنْ هذه بعض الأشياء التي كانت تشغل بال الناس إلى درجة كبيرة".
مريم، لاجئة سورية في كلس، تركيا.








http://www.eldiario.es/desalambre/Alepo-Siria-MSF-guerra_0_365363953.html