Tuesday 30 June 2015

أفضِّل الموت بكرامة في سـوريا على الموت هنا تحت أحد الجسور




أفضِّل الموت بكرامة في سـوريا على الموت هنا تحت أحد الجسور

استير سييتي ايغليسياس - صحيفة لا راثون الإسبانية


فروا من تلك النزاعات التي تملأ صفحات قسم الأخبار الدولية. حياتهم كانت عادية إلى أن بدأت حرب أهلية عند أبواب بيوتهم. تركوا كل شيء: عائلتهم وأصدقاءهم ومنزلهم، لكن أيضاً وضعهم الاجتماعي وعملهم ومهنتهم. طلبوا اللجوء إلى إسبانيا، وهو بلد ليس سهلاً، إذ عادة ما يرفض أكثر من نصف الطلبات (56% في 2014)، لكنه حيث كانوا يعتقدون أنه بسبب الروابط التاريخية وخصائص المجتمع الإسباني كان سيمكنهم إعادة بناء حياتهم من الصفر. بطبيعة الحال كانوا يعلمون أن الأمر لن يكون سهلاً لكن ما يوجد في أعينهم الآن هو اليأس فقط.
لقد وجدوا أنفسهم قبالة نظام اندماج للاجئين ليس كافياً وحالما تنتهي المساعدات ودورات اللغة كل شيء يصبح عقبة. ميسون كانت تدير صيدلية في ضواحي دمشق. صيدليتها والشعر كانا حياتها. بعد الانتفاضة الشعبية عام 2011، دخلت سوريا في حرب حصدت أكثر من 320000 نفس، ثلثهم من المدنيين. في 2013، طلبتْ اللجوء إلى إسبانيا وسمحوا لها بإحضار ولد واحد. "اخترتُ الأكبر لأنني كنت أخاف أن يُستدعى إلى الخدمة العسكرية. كان قراراً شديد القسوة. تركتُ زوجي وابني الصغير هناك"، تروي لـ لا راثون. مضى على ميسون عام وستة أشهر في إسبانيا، تعيش في مقاطعة مدريد، حيث تحضر دورس اللغة الإسبانية التي تُوفَّر لها، "لكن ساعة في الأسبوع ليست كافية. والآن بعد أن تمكنتُ أخيراً من معادلة شهادتي في الصيدلة لا أتمكن من العثور على عمل لأنني لست في المستوى الذي يمكنني من مواجهة الجمهور". في غضون ذلك، طلبتْ لم شمل العائلة وأخيراً قبل ثلاثة أشهر منحوه لها. عندذاك سافر وسام وابنه الصغير إلى لبنان. "أوقفوني عند الحدود وسجنوني شهراً. ابني، البالغ ستة عشر عاماً، حاول تجنب ذلك وضربوه ضرباً مبرحاً. الضرب كان شديداً جداً، إلى حد أنه كان عليه أن يخضع لتدخل جراحي في لبنان وفقد خصيتيه"، يقول المهندس وسام.
كلاهما وصلا إلى إسبانيا الشهر الماضي، لكن نظراً لكونهما جزأ من عملية لم شمل، فليس لهما الحق في المساعدات التي تقدم للاجئين. "لدي ما يكفي من المال لدفع قيمة دروس اللغة الإسبانية لابني، لكن ليس لزوجي" تؤكد ميسون، التي تعترف بأنها تبكي كل يوم. "أشعر بالخجل الشديد من أن يراني أولادي هكذا، لكنني لا أعلم ماذا أفعل، إلى أين أذهب. لا أعلم ما سيحدث لنا في الشهر الذي سيأتي". أثناء المحادثة، يروون بانجليزية متقنة حجم العوائق البيروقراطية التي واجهوها. فابنهم البكر أخروا عاماً معادلة شهادته الثانوية والصغير يسير في الطريق الطويل نفسه. كان لها مشكلة مع شركة الغاز: "قبضوا مني 800 يورو لأنني لم أصور العدّاد"، كما توضح. "أعلم أنها مشكلة يومية، لكننا لا نعلم كيف تشتغل (أنظمة) الكهرباء والماء والغاز في إسبانيا. علاوة على ذلك، لم يساعدني أحد في البحث عن مسكن ولا في العقد. ليس لدينا أحد هنا ولا أي نوع من المساعدة". لا أحد من الأربعة وجد عملاً ومنذ بعض الوقت لا يتلقون أي مساعدة مالية. "تعرفنا إلى ثلاثة سوريين لاجئين ينامون في الشارع. يمضون الليالي في حدائق المنطقة. نأمل أن لا ننتهي على هذا النحو".
صوت سلام أيضاً يتقطع عندما يتحدث عن المستقبل. "حسناً، أنا بمأمن من القنابل وبنادق الكلاشينكوف، من نظام رهيب، لكنني لا أحيا حياة كريمة. لا أستطيع إعالة أولادي (ومنهم طفلة رضيعة)". هذا الطبيب وجراح البولية وصل إلى إسبانيا قبل عام وسبعة أشهر. يوافق أنه لا يتعلم الإسبانية بما يكفي للعثور فيما بعد على عمل أو حتى لعقد صداقات محلية. شهادته العلمية لن تعادل أبداً ويخشى أن لا يتمكن من دفع إيجار الشهر القادم وأن يجد نفسه في الشارع. "أفضِّل الموت في سـوريا على الموت هنا، تحت أحد الجسور"، يؤكد سلام، الذي يتساءل لماذا قبلت الحكومة الإسبانية طلب لجوئه إذا كانت لن تستطيع تحمل مسؤوليته وأسرته فيما بعد. "في بلدان أخرى يعلمونك اللغة ويساعدونك حتى العثور على عمل. المشكلة أنه وفقاً لاتفاقية دبلن، لم يعد بوسعنا الذهاب إلى ألمانيا أو السويد".
سلام، الذي كان يعيش في ضواحي دمشق، يؤكد: "لا أريد التسول، أريد أن أعمل وأن أطعم ولديّ". سلام وكذلك ميسون يحذران مواطنيهم من نقص الفرص ومن النظام الفاشل للاجئين في إسبانيا لكي يحاولوا ذلك في بلدان أخرى من بلدان الاتحاد الأوروبي. حقيقة يمكنها أن تفسر لماذا تتلقى إسبانيا 0.09 % فقط من جميع طلبات اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي، وفقاً لبيانات اللجنة الإسبانية لعون اللاجئين CEAR، في الوقت الذي لا تتوقف فيه أعداد اللاجئين في العالم عن الازدياد. يصر سلام على أن المشكلة هي في الأعمال الورقية وفي البرنامج غير المكتمل، وليست في المجتمع. "أنتم الإسبان تروقون لنا، أنتم لطفاء جداً ومتضامنون. ليت لنا جدة هنا من أمثال جداتكم".





http://www.larazon.es/internacional/prefiero-morir-en-siria-con-dignidad-que-aqui-bajo-un-puente-EG10073722#.Ttt1yegAPD31HpS