Saturday 23 February 2019

العدالة في سـوريا



العدالة في سـوريا

ينبغي ألا يشعر المسؤولون عن الفظائع في سوريا بالأمان في أي بلد

مقالة افتتاحية في صحيفة الباييس الإسبانية بتاريخ 21 – 2 - 2019


يظهر بشار الأسـد كمنتصر في الحرب في سـوريا. بعد صراع مدمر لثماني سنوات تسبب في أربعمائة ألف قتيل وملايين من اللاجئين، يسيطر على القسم الأكبر من الأرض بمساعدة إيران وروسيا، ولكن بالاعتماد، قبل كل شيء، على وحشية لا حدود لها. انتصارات قليلة تلطخت بالدم على هذا النحو مثل انتصاره: آلاف الأشخاص تعرضوا للتعذيب وباتوا مفقودين، مدنيون تعرضوا للقصف حتى بالغازات، صحفيون قتلوا. لهذا، تكتسب أهميةً كبيرة مبادراتُ المدعين العامين والقضاة في بلدان مثل ألمانيا وفرنسا والسويد والولايات المتحدة، والتي تكافح، من خلال قضايا أعدت خلال أعوام، معتمدة على الشهود والوثائق، لجلب فاعلي هذه الجرائم أمام العدالة. ليست الحكومة السورية، إضافة إلى ذلك، المسؤول الوحيد عن العنف ضد السكان المدنيين، الذين عانوا ما لا يمكن وصفه أيضاً في مناطق المجموعات المتمردة، ولاسيما داعش، التي أنشأت خلافة للإرهاب والموت.
تقع على عاتق المجتمع الدولي مسؤولية فعل كل ما هو بوسعه من أجل أن لا تفلت من العقاب جرائم الحرب هذه والجرائم ضد الإنسانية بل حتى الإبادة الجماعية المحتملة، في حالة الإيزيديين. طريق العدالة الدولية مسدود، جراء الفيتو الروسي والصيني في الأمم المتحدة ولأن سـوريا لا تعترف بسلطة المحكمة الجنائية الدولية. السبيل الوحيد الواقعي المتبقي يتمثل في رفع القضايا، بلداً بلداً، واستغلال وجود عدد كبير من الضحايا وسط اللاجئين الذين وصلوا إلى أوروبا، يمكن أن يكونوا شهوداً، ولكن جلادين أيضاً.
أمر الادعاء العام الألماني الأسبوع الماضي بإيقاف اثنين من المواطنين السوريين، عضوين في أجهزة الاستخبارات، متهمين بجرائم ضد الإنسانية. وقبل بضعة شهور أصدر أمراً دولياً بتوقيف جميل الحسن أحد معاوني الأسـد المقربين. ثمة مشتبه به ثالث تم استجوابه في فرنسا. بالأمس قدم تسعة ناجين من التعذيب شكوى في استوكهولم ضد مسؤولين كبار في النظام (السوري). في الولايات المتحدة، دان أحد القضاة سـوريا بمقتل الصحفية ماري كولفين، التي ماتت تحت القذائف جنباً إلى جنب مع المصور الفرنسي ريمي اوشليك في حِمص عام 2012. وكما حدث لخوسيه كوسو في بغداد 2003 ولخوانتشو رودريغيث في بنما 1989، اللذين قتلا على يد جنود أمريكيين، اعتبر القاضي أن الأمر لم يكن يتعلق بخطأ، وإنما بهجوم متعمد ضد مخبرين صحفيين بغية إسكاتهم.
ينبغي ألا يشعر المسؤولون عن الفظائع المرتكبة بالأمان في أي بلد. جرائمهم كانت ضد الإنسانية، ولهذا، إن كل البلدان الديموقراطية مسؤولة عن جلبهم إلى المحاكم.




https://elpais.com/elpais/2019/02/20/opinion/1550679752_025831.html