Monday 31 August 2015

الموت الصامت في سـوريا



الموت الصامت في سـوريا

لويس ميكيل أورتادو- صحيفة الموندو الإسبانية


لا تراها وهي آتية، لا تسمعها، وتقتلك في ثوان. هكذا هي الهجمات بالسلاح الكيميائي التي قضت على حياة مئات الأشخاص المدنيين في سـوريا. اليوم يكتمل عامان على الهجوم الأسوأ، الذي كان علاوة على ذلك الأكثر فتكاً في ربع القرن الأخير. حدث في الغوطة، ضاحية دمشق المعارضة. في عرض لانعدام الإنسانية، دانه ناشطون ومنظمات دولية بأعلى عقيرتهم، امتدت المذابح الكيميائية حتى اليوم. على الجانب الآخر، آذان صمَّاء.
"القصف ببراميل الديناميت أكثر فتكاً، لكن الأسلحة الكيميائية التي خلفت أكثر من 11 ضحية في الفصل الأخير، رهيبة، لأنك لا تستطيع أن تحتمي منها"، تتأسف الدكتورة آني سبارو التي دربت الطواقم الطبية التي اعتنت بالمصابين في مناطق خارجة عن السيطرة الرسمية. في محادثة مرئية مع "الموندو" ألقت الدكتورة سبارو بمسؤولية الهجمات بالسلاح الكيميائي على الرئيس بشار الأسـد.
في فجر الحادي والعشرين من آب|أغسطس 2013، ضربت صواريخ محملة بغاز السارين مناطق سكنية في الغوطة. ليس هناك اتفاق على عدد الضحايا الذي سببه الهجوم -يتراوح بين 300 و1700- والولايات المتحدة الأمريكية استناداً إلى تقارير خاصة -أشارت إلى أن الصواريخ أطلقت من مناطق تحت سيطرة الحكومة-، أنحت باللائمة على الأسـد في هذا المجزرة. الحكومة السورية وجهت الاتهام إلى الثوار. بعد التحقيق رفضت الأمم المتحدة الإعلان عن مذنبين.
قصف بالكلور
للحيلولة دون عمل انتقامي أعلنت عنه واشنطن، سلم الأسـد ترسانته الكيميائية، التي كان يوجد فيها 581 طناً من غاز السارين و20 طناً من مكونات غاز الخردل. منظمة حظر الأسلحة الكيميائية حازت على جائزة نوبل للسلام عام 2013 لدورها في هذه العملية. لكن الاستخدام الحربي اللاحق للكلور ضد السكان المدنيين السوريين، والعثور على آثار لاحقة من غاز السارين في مجمَّعات النظام السوري، أثبت أن عمل المنظمة لم يكن كاملاً.
عدة بعثات دولية، من بينها واحدة لمنظمة حظر الأسلحة الكيمائية في أواخر عام 2014، حددت أنه منذ أيلول| سبتمبر 2013 قصفت بالكلور مناطق سورية عديدة خارج سيطرة النظام. الشبكة السورية لحقوق الإنسان، وهي منظمة غير حكومية تحقق بشكل مستقل بانتهاكات حقوق الإنسان في الحرب السورية، تشير في تقرير لها هذا الأسبوع إلى أنه، منذ كانون الأول| ديسمبر 2012، تاريخ الهجوم الأول بالكلور في حِمص، شنت الحكومة السورية هجوماً مشابهاً في 158 مرة.
زرع الرعب
الهجمات بالكلور أثرت على 1252 شخصاً، غالبيتهم العظمى مدنيون، ورغم أن معدل الوفيات منخفض، إلا أن الدكتورة سبارو تؤكد على قدرتها على زرع الرعب. "الكلور يرمى عادة في الليل من الطائرات المروحية، في حاويات لا تنفجر عند السقوط. بهدوء يبدأ الغاز بالانتشار على مستوى الأرض. ذلك هو الأسوأ، لأنه يؤثر أولاً على من يختبئون في الأقبية للنجاة من القصف الجوي".
في الثامن عشر من آذار| مارس الماضي، في سرمين، محافظة إدلب، كان ثمة هجوم بالكلور استدرت صوره الدموع فيما بعد في جلسة عمل بالأمم المتحدة. الأطباء، حتى بدون أقنعة الأوكسيجين وفي بيئة مضطربة، حاولوا تخفيف اختناق عدة أطفال. ثلاثة أشقاء صغار، والوالدان والجدة توفوا. "في التركيزات العالية، يدمر الغاز الرئتين ويؤذي الجلد، وخاصة عند الصغار والحوامل"، تشرح آني سبارو.
اتهامات متقاطعة
الأسوأ، تشدد الدكتورة، هو أن الكلور، وهو مطهر قوي، رخيص الإنتاج، وللمفارقة، لا غنى عنه في سـوريا، وخاصةً في المناطق الثائرة غير الصحية. تشتكي من أن النظام قطع إمدادات الكلور عن المناطق نفسها التي يقصفها بهذا المنتج. وتضيف أنه نظراً لحضوره القاهر فإن من الصعب القيام باختبار كشف قاطع يسمح باتهام لا يرقى إليه الشك لدمشق بهذه الهجمات.
اتهمت دمشق، حالها حال موسكو، المعارضة المسلحة بالهجمات الكيميائية. بلِّغ أيضاً عن أن تنظيم الدولة الإسلامية، الذي يواجه الثوار، استخدم أسلحة كيميائية غير محددة ضد الأكراد. في نيسان| أبريل عام 2014 اتهم الصحفي الشهير سيمور هرش، في مقال مثير للجدل، تركيا بالوقوف خلف المذبحة الكيميائية بالسارين في الغوطة. شهود على الهجمات بالكلور وتقرير لمنظمة هيومان رايتس وتش غير الحكومة، يشيرون بإصبع الإتهام، وكذلك الدكتورة سبارو، إلى بشار الأسـد: "الكلور يُلقى من الطائرات المروحية، النظام وحده هو من يمتلك هذه المروحيات".
بعد الغوطة، أقر مجلس الأمن القرار 2218، الذي دان قتل المدنيين بالسلاح الكيميائي واعتبر استخدامه انتهاكاً خطراً للقانون الدولي. في وقت لاحق، بعد تأكيد استخدام الكلور كسلاح، صدر القرار 2235، الذي دان بشكل خاص إلقاء الكلور. فيتو روسيا والصين، حليفي سـوريا، على اتخاذ إجراءات جديدة يكبل مجلس الأمن، وهو وضع يسمح بالتساهل مع الأسد وتنتقده الدكتورة سبارو قائلةً: "إن ترويع شعبك على هذا النحو هو أمر فاحش".







http://www.elmundo.es/internacional/2015/08/21/55d6131546163fe2638b4582.html