Thursday 31 March 2016

عندما كان الأسـد يقدم نفسه إصلاحياً




عندما كان الأسـد يقدم نفسه إصلاحياً

قبل خمسة أعوام، ظهر الرئيس السوري بأفضل وجوهه أمام وزيرة إسبانية في حين كان يطلق عنان القمع


ميغيل غونثالث- صحيفة الباييس الإسبانية


قبل خمسة أعوام، في الخامس عشر من آذار|مارس 2011، شاءت المصادفة أن توجد رئيسة الديبلوماسية الإسبانية آنئذٍ، ترينيداد خيمينث، في دمشق. بعد أن استقبلها الرئيس بشار الأسـد، عبَّرت الوزيرة أمامنا نحن الصحفيين الذين كنا نرافقها عن قناعتها بأن الرئيس السوري لديه "إرادة حقيقية" للقيام بإصلاحات، رغم أنه بدا مقيداً بالحرس القديم الموروث عن والده. في نهاية المطاف، كان بشار طبيب عيون تعلم في لندن، والموت الطارىء لشقيقه هو ما حمله بغير إرادته إلى السلطة. متلهفين لرؤية الانتقال الديموقراطي الإسباني حيث يحضرون، كان بإمكان سياسيي مدريد أن يوهموا أنفسهم بأن بشار الأسـد كان أدولفو سواريث محاصراً  بـ **el bunker.
قادمةً من القاهرة، حيث كانت انتفاضة ساحة التحرير قد أطاحت بالرئيس حسني مبارك قبل شهر تقريباً، حطت خيمينث في دمشقَ بدتْ منيعة على العدوى بالربيع العربي. عندما ظهرت أمام الصحفيين، مصحوبة بنظيرها السوري، وليد المعلم، أكدت أن إسبانيا تدعم الموجة الديموقراطية، لكن "الإيقاع في كل بلد يختلف عن البلد الآخر، آخذين الظروف بعين الاعتبار". الإيقاع في سـوريا كان بطيئاً جداً بحيث إنه، وفقاً للمعلم، بدأ "في عام 1991"، قبل عقدين من الآن، ولم تُرَ آثارُه بعد في أي مكان.
على مقربة من المكان الذي اجتمع فيه الوزيران، احتشد عشرات من الشبان، مدعوين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، أمام مسجد بني أمية الكبير، على صيحة "سوريا حرة"، ملوحين بالأعلام الوطنية. في غضون دقائق قليلة، سحبهم عناصر شرطة بملابس مدنية، مسلحين بالهراوات، جراً ودفعاً، من الشارع. البعض منهم توارى في صخَب السوق وآخرون انتهوا في زنازين النظام. صوَّر فريق من التلفزة الإسبانية العمومية المشهد، الفريد في البلد العربي الأكثر انغلاقاً، لكن المسؤولين في مدريد لم يعتبروا أن بثه مثير للاهتمام.
في الظاهر، كانت دمشق تلك الأيام مدينة هادئة وواثقة. جُدِّدَ الجزء التاريخي القديم من المدينة بعناية وتكاثرت المطاعم والمحال التجارية الفاخرة. استفادت سـوريا من الحرب التي كانت تدمِّر الجار العراقي منذ ثمانية أعوام واكتظت خزائن النظام بمكوس التهريب. لكن، لن يمر وقت طويل قبل أن تغير الريح اتجاهها وتمتد النيران إلى سـوريا.
عندما غادرت ترينيداد خيمينث دمشق، كان جيش الأسـد يسحق المتظاهرين السلميين في مدن مثل درعا. وتخلى مضيفها عن كونه إصلاحياً محبَطاً ليتحول إلى مرتكب للإبادة الجماعية.





** (إشارة إلى عناصر النظام القديم المعرقل للانتقال الديموقراطي في إسبانيا والذي قام فيه رئيس الوزراء أدولفو سواريث بدور رئيس بعد وفاة الجنرال فرانكو).






http://internacional.elpais.com/internacional/2016/03/15/actualidad/1458033955_956925.html

No comments:

Post a Comment