Thursday 23 June 2011

ديكتاتور ســوريا


ديكتاتور سوريا
دافيد بيريث تايّون – صحيفة ال باييس الاسبانية

بعد أحد عشر عاماً من استلامه السلطة ، يتعهد الرئيس السوري بشار الأسد بالإصلاح فيما البلد في عز ثورتها ، بينما يقود أخوه ماهر في الشارع أرتال الدبابات التي تطلق النار على المتظاهرين . يعلن الأسد إنشاء لجان عديدة ستكون مهمتها دراسة الإصلاحات الممكنة ، في الوقت نفسه الذي لا يتأخر فيه عن التسبب في تجمع آلاف اللاجئين في تركيا.
بطبيعة الحال فإن الزعيم السوري يجسد الصورة الحية لديكتاتور بعيد بشكل كامل عن واقع شعبه ،  يتأمل صيرورة هؤلاء الناس بعد الجمود ، و فقدان الإرادة ، و التواني ، و الذين لا يلجأون أبداً للنزول إلى الشارع . و انطلاقا من هذه القاعدة يُوَفّق فقط في أن يقر بالانهيار الذي يظهره الاقتصاد السوري و الذي يعزوه ، في جزء كبير منه ، إلى مشكلة نفسية. لكن الأمر يتعلق بشعبٍ ساخط لم يعد قادراً على تحمل هكذا تعسف ، مجتمعٍ محكوم بالاستبداد و اللا مبالاة ، و محتاجٍ في نهاية الأمر إلى بلوغ الديموقراطية المنشودة .



http://elpais.com/diario/2011/06/23/opinion/1308780008_850215.html

Wednesday 22 June 2011

الأســد المخادع


مقالة افتتاحية في صحيفة ال باييس الاسبانية – 22 – 6 - 2011

الأسد المخادع

القمع المتمادي للنظام السوري يحوِّل وعوده الإصلاحية إلى مهزلة

أنحى الأسد باللائمة من جديد – منهياً شهرين من الصمت – على المخربين و المتآمرين الدوليين و المتطرفين الإسلاميين في الثورة الشعبية التي تضيِّق عليه الخناق بشكل متزايد     منذ آذار|مارس الماضي . و كما هي العادة ، عاود الطاغية السوري اللجوء إلى وعود إصلاحية غامضة و الإعلان عن عفو جديد ، هو الثاني في غضون ثلاثة أسابيع ، في محاولة جديدة لتهدئة الاحتجاجات المستمرة لشعب يدفع ثمناً باهظاً من أجل إنهاء 40 عاماً من الحكم الشمولي العائلي  .
لقد قدّم القليل و لكنه تأخر كثيرا . فالرئيس السوري بعزلته المتزايدة ، بالرغم من مظاهرات المؤيدين الممولة من قبل حزب البعث ،  يفتقر في هذا الوقت إلى أية مصداقية ، داخل و خارج بلده ، ما عدا الحاشية العائلية التي تسيطر على الجيش ، و الأمن ، و الأعمال في سوريا . لا يمكن أن يكون الأمر على نحو مختلف عندما يحصد القمع المتمادي ، الذي يتبع كل وعد إصلاحي – (ستة قتلى على الأقل سقطوا بالأمس ) – حوالى ألف و خمسمائة حياة بريئة منذ آذار|مارس ، و عندما تكتظ السجون ، و يفر اللاجئون نحو تركيا ، الحليفة المحبطة التي كانت إلى عهد قريب تحث دمشق ، بينما تستعجلها حالياً ، لإحداث إصلاحات جذرية و حاسمة .
 متشبثاً بالسلطة بصورة عمياء ، فإن الاسد الذي يتولى مسؤولية مجتمع ممزق و بلد مخرّب ، لم يفهم جيداً حجم الأزمة و التغيير الحاصل في العالم العربي . و الخطأ في الحسابات يمتد إلى قلعته الخاصة المتمثلة في كونه لاعباً إقليمياً لا غنى عنه في الوضع الراهن في الشرق الأدنى .
 الثورة السورية ، التي اعتقد عتاة النظام أنهم يستطيعون تصفيتها في أسابيع قليلة ، تتقدم باتجاه شهرها الرابع ، تغذيها الدماء المسفوحة . أما وحشية فرق النخبة العسكرية و قوات الأمن ، تحت القيادة المباشرة لأفراد العائلة الحاكمة العلوية ، و قصف المدن ، و القناصة ، و التعذيب العشوائي ، فقد قوَّت أكثر مما أضعفت المعارضة المتسعة ، و أولئك الذين  في الغالبية السنية الساحقة، يخاطرون بحياتهم من أجل الحصول على كرامتهم المستحقَّة التي أُنْكِرَتْ عليهم خلال أجيال من قِبَلِ الديكتاتورية الشاملة .
لا الولايات المتحدة و لا أوروبا و لا مجلس الأمن ، بخطابهم الانشائي و عقوباتهم الرمزية ، ارتقوا إلى مستوى الحدث في الانتفاضة الأكثر دموية و الأقل تكافؤاً في العالم العربي . إن وسائل الضغط الحاسمة يجب أن تحل ، دون إبطاء ، محل النفاق المتجسد في الاستمرار بانتظار معجزة تحوُّلِ و توبة الديكتاتور . المواطنون السوريون لديهم الحق في الأمل بذلك.

Monday 20 June 2011

لماذا لا يوقف العالم المذبحة في سوريا؟


لماذا لا يوقف العالم المذبحة في سوريا ؟

خابيير بالينثويلا - صحيفة ال باييس الإسبانية

أكثرمن ألف قتيل بين المدنيين ، أكثر من عشرة آلاف معتقل ، و أكثر من عشرين ألف لاجىء على كلا جانبي الحدود بين سوريا و تركيا، تلك هي الحصيلة حتى اليوم للقمع الفظيع الذي ترد به عشيرة الأسد على المظاهرات ، التي تطالب منذ آذار الماضي بالحد الأدنى من الحريات و الحقوق في هذا البلد العربي المهم . استخدام الأسلحة النارية بما فيها مدافع الدبابات ، و قصف البلدات الثائرة يشكلان جزأ من الوسائل التي يرد بها الأخَوَان الأسد ، بشار الرئيس الرخو وماهر القائد الدموي ، على مطالبات الكثيرين من السوريين. في حالة مشابهة ، قرر المجتمع الدولي ، بشكل جازم ، التدخل في ليبيا القذافي .
اليوم، في خطابه الثالث منذ بدء الاحتجاجات،  أهان بشار الأسد ذكاء شعبه وذكاء بقية العالم. " لن يكون هناك إصلاحات وسط التخريب و الفوضى"، قال هذا  بينما، على الرغم من الرقابة القاسية التي يمارسها نظامه،  نعلم جيداً أن الفوضى و التخريب الموجودين في سوريا هما نتيجة لوحشية قواته القمعية . أضاف أيضا أنه يود الاستماع إلى مطالب المتظاهرين كما هي بدون تشذيب . حسناً ، ليس عليه إلا شراء هاتف ذكي ، أو كمبيوتر محمول و وصله بالانترنت . هناك سيرى و يسمع مطالبات المتظاهرين  كما هي و كما يرفعونها مباشرة ، بدون وسطاء ، على  الشبكة ، وكما نستطيع متابعتها في كل أرجاء الأرض .
لماذا لا يتدخل المجتمع الدولي في سوريا بينما يقوم بذلك فعلا في ليبيا ؟ السؤال وجيه ، و الجواب يشتمل على عناصر شتى ، من بينها :
1 – التدخل في ليبيا يطول أكثر من اللازم و البلدان الديموقراطية المشتركة لا تستطيع الالتزام في عملية إنقاذ أخرى حتى تنتهي من الأولى بنجاح . المدة الزائدة عن الحد  للتدخل العادل و الضروري ، من وجهة نظري ، في ليبيا يمكن عزوها إلى الشروط المحدِّدة المهولة للتفويض الدولي . فهذا التدخل مقيد اليدين : لا يستطيع تسليح و تدريب الثوار ، لا يستطيع القيام بعمليات أرضية ، يجب أن يقيد الهجمات الجوية ... ، إضافة إلى ذلك ، فإن الولايات المتحدة ، مع الأوضاع المعقدة نتيجة الانسحاب من  العراق و استمرار المعارك في أفغانستان ، قليلة الفعالية من الناحية العسكرية .
2 – إن سوريا آل الأسد ما زال لديها حُماة في الساحة الدولية . وبما أنها كانت ، بلاغياً أكثر من أي شيء آخر ، بلداً معارضاً للامبريالية الأميريكية و مدافعاً عن الفلسطينين بمواجهة اسرائيل ،  فروسيا و الصين مترددتان جداً تجاه سقوط النظام . و هذا ما يفسر أن اليسار ، و هو ذاته تقريبا الذي يستمر في الدفاع عن كوبا كاسترو ، ينظر بنفور إلى عملية محتَمَلَة في سوريا .
3 – في تناقض ظاهري ، فإن ما يلائم اسرائيل هي سوريا الاستبدادية التي يحكمها آل الأسد . فالأب حافظ ، كما الأبناء ، هددوا و يهددون كثيراً  " الدولة الصهيونية " ، و لكنهم في ساعة الحقيقة لم يقوموا بإطلاق طلقة واحدة ضدها خلال العقود المنصرمة .
4 – تستفيد سوريا آل الأسد في الأوساط الديبلوماسية الغربية من بركة تعليق لهنري كيسنجر ، حيث سوريا الأسد ، حسب هذا التعليق ، " عامل استقرار في الشرق الأدنى ". و السياسة الواقعية الأوروبية و الأميريكية تخشى أن يكون سقوط نظام هذه العائلية العلوية سبباً في الفوضى ، نظراً إلى التعقيدات العرقية و الدينية في البلاد ، و كذلك في الجارة اسرائيل ، و تركيا ، و العراق المُمَّزق  .
في غضون ذلك، يستمر الديموقراطيون السوريون – المُتَّهمون من جديد من قبل بشار بأنهم عملاء القوى الأجنبية أو الإسلاميين الراديكاليين – في إظهار شجاعة استثنائية. فاليوم، بعد الخطاب المخيّب لابن حافظ و شقيق ماهر، عاودوا الخروج إلى الشوارع.


www.elpais.com/articulo/internacional/mundo/detiene/matanza/Siria/elpepuint/20110620elpepuint_12/Tes

Sunday 19 June 2011

ســوريا والسياسة الواقعية


سوريا و السياسة الواقعية
بقلم : ألبرتو بيرِيس: جنرال احتياط في سلاح المدفعية الاسباني – موقع : ريبيستا فوسيون  

في سوريا تم اختراق كافة الخطوط الحمراء . فبينما يقوم الجيش السوري بقتل المتظاهرين بالرصاص ، فإن أوروبا و الحلف الأطلسي و الأمم المتحدة يلوذون بالصمت. في ليبيا أفضى عمل مشابه إلى التدخل العسكري ، بموافقة الأمم المتحدة . فلماذا لا يحدث شيء مشابه في سوريا ، حتى  لو كان بصفة التهديد فقط ؟
السياسة ، مثل الإبداعات الرفيعة في أساليب الطهي ، غالباً ما تحتاج إلى استخدام التوابل المكررة التي تثير الإحساس لكنها غير ذات نفع . و هكذا، فكما أنه في طبق من البايلا الجيدة ( صنف من الطعام الإسباني المشهور) لا يمكن الاستغـناء عن نوع مختـار من  الزعفران، - الحصص الغذائية للجنود المحاربين و أغذية الكفاف هي وحدها التي تستغني عن العناصر المغذية غير المتوازنة جيداً -  فإن السياسة الخارجية للدول تكون مصحوبة دوماً ، في منطوقها على الأقل ، بمثاليات رفيعة و أغراض سامية تكاد تلامس أحيانا حدود السامي و المقدس .
يتـــم غزو بلدان و تُحتَّلُ أقاليم من أجل أن توضــع في خدمة الشعوب أضـواء الحضــارة و منافع التقدم ، حتى لو توجّب قتل البعض خلال المساعي السابقة لتحقيقها ، و يتم إزاحة طغاة متوحشين من أجل تحرير شعوبهم و جعلهم يتقدمون في طريق السعادة ، رغم أن هذه الشعوب قد تريد أشياء أخرى في بعض الأحيان . لا تُحصى أيضاً الحالات التاريخية للسياسات الامبريالية المؤسًّسة على نشر دين معين و على المنافع التالية التي تنتج عنه ، بما فيها تلك الخارقة  أو غير الملموسة .   
إضافة التوابل أو الزخرفة " الدينية " للسياسة ( السياسة الداخلية ، في هذه الحال) بلغت في بلدنا إسبانيا – حيث تبدو هذه الممارسة مترسخة في أعمق أعماق الهوية "الإسبانية " المُفتَرضَة – ذروتها العلـيا في ذلك الفصــل من قانون المبادئ الأســـاسية للنظـام الســابق ( نظام الجنرال فرانكو المتوفى عام 1975) ، الذي ينص على ما يلي : "  تَعُدُّ الأمةُ الاسبانية وسامَ شرف لها طاعةَ القانون الإلهي  ، وفق مذهب الكنيسة الكاثوليكية الرومانية الرسولية المقدسة . مذهباً حقيقياً وحيداً و إيماناً لا يمكن فصله عن الضمير الوطني ...". هذا النص الذي لا يمكن إنكار لاهوتيته ، و المرصـع في ذلك " الدسـتور الفرانكـوي "، كان زخرفة و تلويناً  لما يُطلق عليه هنا  "الكاثوليكـية الوطنية ".
على العكس من ذلك ، فإن السيــاسة بدون زخــرفة و بدون تجمــيل ، السـياسـة الواقعـــية (Realpolitik  من أجل استخدام التعبير الألماني الشائع ) هي التي تتجاهل أي مبدأ نظري أو أخلاقي من أجل تبرير نشاطها ، و تخدم ، بأسلوب واضح ، فعّال و مباشر ، المصالح الوطنية المجردة للبلد الذي يطبّقها .
يتزايد باطراد عدد أولئك الذين يتساءلون لماذا هذه المبادئ النبيلة المعلنة التي تعمل عليها بشكل علني الأمم المتحدة و الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي و حتى منظمة الوحدة الأفريقية ، و التي تُطًبَّق على ليبيا الديكتاتور معمر القذافي ، لا يوجد لها ما يقابلها في حالة سوريا التي يحكمها أيضاً الديكتاتور بشار الأسد .
عند كتابة هذه السطور كان الدخان ما يزال يتصاعد من خرائب مدينة جسر الشغور السورية المُجتاحة ، و يتم تجميع الجثث الناجمة عن الهجوم الحكومي العنيف على الثائرين ، فيما يهرب آلاف اللاجئين باتجاه الحدود مع تركيا . في ليبيا أفضى عمل مشابه إلى التدخل العسكري ، بموافقة الأمم المتحدة . فلماذا لا يحدث شيء مشابه في سوريا ، حتى لو كان بصفة التهديد  فقط ؟
إن مفهوم السياسة الواقعية يساعدنا في فهم ما يحدث . فمجلس الأمن التابع للأم المتحدة دعم الهجوم على ليبيا مرتكزاً على مبادئ إنسانية واضحة و على طلب الثوار من أجل إقامة منطقة حظر جوي تحميهم من الهجومات الجوية الحكومية . و الآن ، فإن المجلس نفسه منقسم بشأن سوريا ، فإذا كانت فرنسا و المملكة المتحدة تقترحان إدانة صريحة لنظام الأسد , فإن بلداناً أخرى مثل البرازيل ، و الصين ، و روسيا ، لا توافق على ذلك . كما أن الجامعة العربية  التي صادقت مُكرهةً على التدخل الدولي في ليبيا ،  لا تدعم شيئاً مشابهاً في سوريا.
ما يحدث هو أن سوريا هي ، على النقيض من ليبيا ، قوة  إقليمية مهمة و مؤثرة. إضافة إلى ذلك ، فإن الديكتاتور الأسد ما زال يحتفظ بتأييد قسم كبير من القطاعات الميسورة من المجتمع ، و سقوطه قد يثير احتمال وقوع حرب أهلية ، لها آثار مخيفة على بلدان شديدة الحساسية ، مثل لبنان أو إسرائيل ، حيث المنظمات الموالية لسوريا ، حزب الله و حماس ، يمكن أن تخلق مشكلات جدية . من جانب آخر ، إن الروابط السورية مع إيران تفاقم بشكل متزايد آثار حرب أهلية طويلة ، مثل تلك التي تعاني منها ليبيا حاليا .
تصر الدبلوماسية الغربية على الشرح بأنه ، على العكس من ليبيا ، ما زالت لا توجد في سوريا صورة واضحة عن النظام الذي يمكن أن يحل محل الرئيس المطاح به ، إذا حدث و أن وصل هذا إلى مرحلة السقوط ، و ترى أن هناك احتمالات كبيرة بشكل خطير بأن المواجهات بين الجماعات الاثنية  و السياسية و الدينية المختلفة ، يمكن أن تغرِق البلاد في الفوضى .
و هكذا فإن حياة السوري ، في السياسة الواقعية ، أقل قيمة بشكل واضح ، في نظر القوى الدولية العظمى المحافِظة على النظام العالمي ، من حياة الليبي ، التي عُبِّئت من أجل حمايتها الموارد العسكرية للغرب (مع أن ذلك تم بطريقة سيئة و في توقيت غير مناسب). في الموضع نفسه ، أعني ، في الدرجة الدنيا من سلّم قيمة الأفراد توجد حياة الفلسطينين ، الذين لن يكون بوسعهم فعل الكثير إذا تمكنوا من الدفاع عن أنفسهم وحيدين في مواجهة ما ينتظرهم .
كما يستطيع القارئ أن يتحقق ، فإن السياسة الواقعية ، عاريةً  من الملحقات ، تُفهَم بشكل أفضل من تلك الأخرى ، التي يُنادَى بها و تُعلًن مغلَّفةَ بأصوات مدوية و تطلعات نبيلة .



www.revistafusion.com/201106172127/Internacional/Tema/siria-y-la-realpolitik.htm