Wednesday 15 February 2012

بوتين والأسـد: إذا حُلِقت لحيةُ جارك، فسارع إلى بل لحيتك


بوتين والأسـد: إذا حُلِقت لحيةُ جارك، فسارع إلى بل لحيتك
لا يريد بوتين حرباً باردة جديدة، لكنه يخشى أن يتحول "الربيع العربي" إلى "ربيع روسي"

لويس باسيتس – صحيفة ال باييس الإسبانية - الخميس 8 - 2 - 2012

الخميس ليلاً، قبل أسبوع من الآن، كان الاتفاق في متناول اليد بعد مفاوضات طويلة. أخذ سفراء الدول الأعضاء في مجلس الأمن الذين كانوا قد أعدوا نصاً مُتفقاً عليه، أخذوا  يرسلونه، كل إلى عاصمته. توفرت في القرار جرعة الصلابة والضغط على نظام بشار الأسـد التي يستوجبها التصعيد الدموي القمعي الذي يشنه ضد الاحتجاجات الشعبية، وفي  الآن نفسه، المرونة التي يتطلبها الرهان على مخرج مُتفاوض عليه، كما ترغب غالبية الدول في المحيط العربي ودول مجلس الأمن.
السعى وراء التوافق يُعبَّر عنه بوضوح في الاستبعاد الصريح لأي عمل عسكري مُتَضمن في مشروع القرار. لم يقترح أحد تكرار التجربة الليبية. أيضاً لم يتم التهديد بعقوبات جديدة، كما كان الحال في القرار المجهَض في تشرين الأول| اكتوبر بالفيتو المزدوج الأول لروسيا والصين. يوجد أيضا إدانة للعنف" من أية جهة كان "، كما هو معتاد القول في مثل هذا النوع من النصوص. وتم تفادي توجيه دعوة مباشرة إلى الديكتاتور للتخلي عن السلطة، كما كانت تود المعارضة .
" سأوصي بتصويت إيجابي " قالها يوم الخميس ذاته السفير الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين لزميله الفرنسي جيرارد ارود ". "في اليوم التالي (الجمعة) كنا شهوداً على تحول ذي 180 درجة " شرح ارود نفسه لصحيفة لوموند الفرنسية. وأضاف " بعد التصويت يوم السبت، قرأ تشوركين كلمته بدون أن يسعى حتى للنقاش. كان يعلم أننا ذهبنا بعيداً في تنازلاتنا، الشيء غير المتنظر بالنسبة للروس، الذين تم احترام خطوطهم الحمراء ". في هذا التصويت استخدمت روسيا والصين حق النقض من جديد، في تصرف لا يمكن تفسيره، لا بمحتوى القرار ولا بالمصالح التي تمثلها القوتان الحاميتان للأسـد.
تؤكد موسكو، وهي التي تأخذ زمام المبادرة دائماً، أن القرار يحرض على تغيير النظام ويؤسس للتدخل في السيادة السورية. أمر يصعب تصديقه، لأن الاقتراح اقتصر على  استحسان والاستشهاد ببعض الإشارات، غير المباشرة دائماً، إلى خطة عمل الجامعة العربية وبرنامجها الزمني من غير تبنيها بشكل كامل. صحيح أنها تتضمن استقالة الأسـد، وتشكيل حكومة وحدة وطنية والدعوة إلى انتخابات حرة، لكن لا شيء في النص، بخلاف ما حدث في ليبيا، يقود إلى خلق منطقة حظر جوي أو إلى عمل عسكري من أجل حماية السكان المدنيين. فالأمر يتعلق، من بين أشياء أخرى، بمجرد إعلان (تصريح) بدون وسائل للتطبيق الإلزامي ولا مهل زمنية محددة، الشيء الذي يمكن الحصول عليه فقط مع استخدام القوة، المستبعد بشكل صريح. ومن أجل توسيع الهوة، طلبت موسكو في المرحلة الأخيرة من المفاوضات بأن يُعامل الطرفان بشكل متساو، وكأنهما فصيلان مسلحان عنيفان مسؤولان بشكل متساو عن المذابح.
الجامعة العربية هي مؤسسة متعددة الأطراف كانت مضرب المثل في عدم الفاعلية خلال عقود، تحولت إلى لاعب فاعل مع انطلاق الثورات العربية. كان لها دور ملحوظ في القرارات حول ليبيا وهو ما تفعله في الأزمة السورية، محتلة بذلك مكان دول وهيئات دولية أخرى. إن تحركاتها حذرة بدرجة كبيرة لأنها يجب أن ترضي المواطنين ذوي الفاعلية والتطلعات المتنامية في البلدان التي تمر بمرحلة التحول، وفي الآن نفسه، عليها أن ترضي المَلَكيات الشمولية الحاكمة. في سـوريا، حاولت الجامعة العثور على طريقها الخاص للضغط بشكل يقود إلى تحول سلمي ومُتفاوض عليه، أولاً من خلال بعثات تفتيش مدنية من أجل حماية السكان المدنيين وبعد ذلك مع هذه الخطة العملية التي تنتهي بانتخابات حرة، ستكون الأولى في سـوريا إذا حصل وتم إجراؤها.
فضَّلت روسيا والصين سـد هذا الطريق، على الرغم من الضرر الذي قد يلحق بصورتيهما وحتى بمصالحهما في المنطقة وفي مجموع العالم الناشىء، إذ تحلان محل الولايات المتحدة والأوروبيين كحُماةٍ للأنظمة الديكتاتورية. وأمام صوتيهما المعارضين تقف أصوات كل الأعضاء الباقين في المجلس، الذي توجد فيه بلدان مثل الهند وجنوب أفريقيا أو باكستان.
إن مفتاح الموقف الروسي موجود في الشأن الداخلي. فعندما امتنعت موسكو عن التصويت بشأن القرار حول ليبيا لم يكن قد انطلق بعد الربيع " الشتوي " الذي يواجهه بوتين. لا يخشى حاكم مستبد شيئاً أكثر مما يخشى من سقوط مستبد آخر. إن طبيعة بوتين كعميل سابق للـ كي جي بي تقوده إلى التجديف ضد التيار، على الأقل إلى أن ينقذ الانتخابات الرئاسية في الرابع من آذار| مارس القادم. إنه لا يحاول الدفاع عن مواقع جيواستراتيجية في حرب باردة جديدة. ولا يدافع عن مصالح اقتصادية أو تسليحية كبيرة. الأمر أكثر بساطة من ذلك. إنه يخشى الديموقراطية، ويخاف على رضى الحد الأدنى للمواطنين اللازم للحكم. إذا حُلِقت لحية جارك، سارع إلى بل لحيتك.







www.internacional.elpais.com/internacional/2012/02/08/actualidad/1328733423_781112.html

No comments:

Post a Comment