Sunday 6 July 2014

إخفاقات في الاستراتيجية




إخفاقات في الاستراتيجية

لويس باسيتس- صحيفة الباييس الإسبانية


في البداية جزيرة القرم والآن العراق. إلحاق ناجز وتقسيم في الأفق. في كليهما، خرق لقاعدة اللعب الوحيدة الصحيحة، شرعية الأمم المتحدة، التي ترفض تغيير الحدود وإلحاق الأراضي؛ كما تمنع الحرب الوقائية، الغزو والاحتلال اللذين مارستهما الولايات المتحدة في العراق منذ 2003 حتى 2013.
لم يحدث قط منذ نهاية الحرب البادرة أن واجهنا تعديلاً للحدود كذلك الذي بدأ بين روسيا وأوكرانيا والذي يدنو في الشرق الأدنى. الهوامش في الحالة الأولى محدودة: في الحد الأقصى، يمكن لروسيا أن تأخذ قطعة أخرى قبل تهدئة الأزمة مع أوكرانيا. في الشرق الأدنى لا يُعرف حتى أين تبدأ وأين تنتهي تلك الحدود سريعة العطب: العراق يواجه خطر التجزؤ إلى ثلاث قطع، سـوريا أيضاً تعاني "قوة النبذ" centrifugation الطائفي، ولبنان نفسه سيكون متأثراً بالانقسامات.
الخرائط المرسومة في القرن العشرين هي محل تساؤل في القرن الحادي والعشرين: الحد الداخلي للامبراطورية السوفييتية؛ والثمرة التعسفية للقسمة الاستعمارية للشرق الأدنى المتفق عليها بشكل سري في 1916، بين مارك سايكس من وزارة الخارجية البريطانية وفرانسوا جورج بيكو من وزارة الخارجية الفرنسية، التي أعطت اسماً لخطوط الفصل التي تركت معاً وفي حال اضطراب، شيعة وسنة، ومسيحيين ومسلمين، من غير أن ننسى الأكراد، الدروز ومجموعات اثنية أخرى كثيرة.
ليس بالوسع تجاهل الكوارث السياسية كما لو أنها عمل من أعمال الطبيعة. فالكارثتان اللتان نواجههما حالياً هما ثمرتا الحماقة الاستراتيجية لمن كانوا في موقع القيادة من الناحية الاسمية، وواشنطن في المقدمة. منذ سقوط سور برلين، عشنا وأضعنا هدنة الـ 25 عاماً التي أهدتها لنا عطالة استقرار العالم ثنائي القطب. بناء علاقات مستقرة مع روسيا وإحلال السلام والدمقرطة في الشرق الأدنى كانت المواد التالية. لكن النجاح فيها كان ليتطلب وضوحاً استراتيجياً في الأهداف وإرادة في سبيل بلوغها.
حسناً، لا هذا ولا ذالك، إخفاق في كليهما. يثبت ذلك العلاقةُ الغربيةُ المتقلبةُ مع إيران الأصولية: أولاً، دعم صدام حسين في الحرب ضد إيران، وفيما بعد، الهدية الجيوبوليتيكية بالإطاحة بالديكتاتور العراقي؛ والآن، التحالف الذي لا مفر منه من أجل الدفاع ضد القاعدة، الذي سينقذ النظام الإجرامي للسوري بشار الأسـد.
إحدى مفارقات زمننا هي التفاوت بين وفرة التجربة والمعرفة والقدرة المحدودة التي نظهرها لاحقاً عند ترجمتها إلى قرارات واستراتيجيات صائبة. ثمة الكثير من الفكر المتراكم، وهو ما تعنيه (خلية تفكير، بيت خبرة: (think tank، لكن هناك إرادة ضعيفة من أجل تحويله إلى عمل فعّال.






http://internacional.elpais.com/internacional/2014/06/18/actualidad/1403114950_721410.html

No comments:

Post a Comment