Thursday 5 November 2015

ممّ يهربون ولماذا الآن؟




ممّ يهربون ولماذا الآن؟

 لماذا يصل مئات آلاف السوريين إلى أوروبا؟ لأنهم فقدوا الأمل الآن، وليس قبل ذلك، بأن تصل الحرب إلى نهايتها



سوليداد غاييغو دياث- صحيفة الباييس الإسبانية


ممّ يهرب السوريون؟ لماذا يصلون الآن بهذه الأعداد الكبيرة إلى أوروبا؟ ليست أسئلة تافهة، أو لها أجوبة واضحة. بالطبع إنهم يهربون من الحرب، من العنف، ومن تنظيم الدولة الإسلامية، لكن عندما خطر للإذاعة العامة DW (ألمانيا)، قبل أسابيع قليلة، أن تقوم بدراسة استقصائية صغيرة بين اللاجئين الذين وصلوا بالفعل إلى ألمانيا، فإن سبعين بالمائة من تسعمائة سوري سَأَلَتْهُم عن المسؤول عن حالتهم أجابوا، بدون تردد، إنه بشار الأسـد. أي الرئيس الحالي، ابن الديكتاتور السابق، حافظ الأسـد، الذي أمسك بالسلطة ثلاثين عاماً، والذي خلفه في تموز| يوليو عام 2000.

الحرب الأهلية السورية بين مختلف الجماعات المعارضة للأسـد والنظام التسلطي اندلعت قبل أربعة أعوام وبسرعة، مع مساعدة لا تُقدَّر لأوروبا وأمريكا مترددتين، تحولت إلى المسرح الفوضوي الكامل من أجل ظهور جماعة سنية شديدة العنف معروفة باسم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). المقاتلون الجدد سرَّعوا هروب مئات آلاف السوريين المهددين بالخضوع تحت احتلاله.

لماذا يريد مئات آلاف السوريين هؤلاء الاستقرار في أوروبا؟ لأنهم فقدوا الأمل الآن، وليس قبل ذلك، في أن تصل الحرب إلى نهاية تعني أيضاً زوال الأسـد وديكتاتوريته. لم يعودوا يعتقدون بأن نهاية الحرب الأهلية، عندما ستصل، ستسمح ببناء بلد سلمي وديموقراطي. يعرفون فظاعة النظام البعثي، التي فاقمت منها المعركة، وتوئسهم فكرة العودة إلى مشهد دكتاتوري وغير مستقر. لا يثقون بقدرة الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة الأمريكية ليس فقط على إنهاء الحرب، بل أيضاً على تشجيع تغيير ديموقراطي في سـوريا. لم يعد الأمر يتعلق بأن ينتظروا على أبواب سـوريا، في تركيا أو الأردن، أن تنتهي الحرب: الآن يجب البحث عن وجهات أخرى للكفاح من أجل المستقبل. اللجوء، مع أُسَرهم، إلى بلدان أخرى والبدء بحياة جديدة.

إن إحباط مئات الآلاف من هؤلاء السوريين مسوغ تماماً. فمن وجهة نظرهم، إن الغربيين الذين استقبلوا بحماسة كبيرة الانتفاضة على الأسـد، يطرحون الآن، بمواجهة الواقع الوحشي المتمثل بداعش، أن يكون النظام البعثي شريكاً في أي مخرج من الحرب. وفوق هذا كله، إن ضعف الأسـد، الذي كان سيتيح، على الأقل، ورقة تفاوضية أفضل، يجد منشطاً في دعم  بوتين الانتهازي وعمليات قصفه الكبيرة.

أوروبا هي متخصص كبير في إضاعة الوقت. أضاعت وقتاً مثيراً للشفقة في تغيير تشريعها السخيف حول اللجوء، الذي كان يجبر بلداناً مثل اليونان على تحمل مسؤولية مئات آلاف اللاجئين الذين وطئوا الأرض في جزرها، وهو شيء خارج نطاق إمكانياتها تماماً. ما زالت تضيع الوقت، وقتاً رهيباً، في مطالبة هنغاريا وجمهورية التشيك وكرواتيا وسلوفينيا باحترام حقوق الإنسان وبأن تنظم عبور هؤلاء اللاجئين لحدودها، في شروط إنسانية. أضاعت وقتاً، وقتاً طويلاً جداً، في فهم أن بلداً نصف سكانه لعام 2011 أصبحوا اليوم موتى أو نازحين، لا يمكنه أن يتحمل الفترات الأوروبية العصيبة. من المؤكد في هذه المرحلة أن يمر أي حل بضم الأسـد إلى مائدة المفاوضات، وكلما تأخر فرض ذلك المخرج التفاوضي، كلما صعب فرض شروط الدمقرطة التي تخفف من كرب السوريين، الذين يعيشون في تركيا أو الأردن والذين يصلون إلى أوروبا.










http://elpais.com/elpais/2015/10/23/opinion/1445592145_740540.html

No comments:

Post a Comment