Sunday 9 April 2017

اللعب بالنار في سـوريا





اللعب بالنار في سـوريا
بين ليلة وضحاها، انتقل الأسـد من كونه معتَبَراً أهون الشرور إلى اعتباره المسؤول الرئيس عن النزف السوري


اغناثيو ألباريث-اوسوريو _ صحيفة الباييس الإسبانية


مضى وقت طويل على بشار الأسـد وهو يلعب بالنار. فقمعه للحراك الذي طالب بالحريات والإصلاحات أطلق شرارة عسكرة الثورة و أدى إلى ظهور عدد لا يحصى من الجماعات المسلحة، بما فيها تلك ذات التوجه الجهادي. في محاولة لاحتواء المد الثوري، لجأ النظام على نحو متزايد إلى أساليب أكثر سرعة وفعالية، من بينها استخدام الصواريح الباليستية والبراميل المتفجرة. خضع السكان المنتفضون أيضاً لحصارات وحشية، حيل فيها بينهم وبين الغذاء والدواء والمساعدة الإنسانية، بغية سحق مقاومتهم، ما يمثِّل جريمة حرب. استراتيجية الأرض المحروقة هذه سبَّبت نزوحاً جماعياً ضخماً. في هذه السنوات الست من الحرب، اضطر نصف السكان إلى مغادرة منازلهم ليصبحوا لاجئين أو نازحين.
خلال حملته الرئاسية، ظهر دونالد ترامب محبذاً لمزيد من التنسيق مع فلاديمير بوتين في معالجة الملف السوري الشائك. لكن، يبدو أن الهجوم الكيميائي على خان شيخون وضع خاتمة لشهر العسل هذا. بين ليلة وضحاها، انتقل الأســد من كونه معتَبَراً أهون الشرور إلى اعتباره المسؤول الرئيس عن النزف السوري. الهجوم على القاعدة الجوية في الشعيرات دليل على أن صبر ترامب قد نفد وأنه ليس مستعداً للمضي في لعبة القط والفأر. باختياره العمل منفرداً وبدون دعم الأمم المتحدة، يُظهِر الساكن الجديد للبيت الأبيض ازدراءه للقنوات متعددة الأطراف ويؤسس سابقة خطرة.
المسألة الأساسية الآن هي معرفة ما إذا كان الهجوم عملاً منعزلاً موجهاً للحؤول دون استخدام الأسلحة الكيمانية أو أنه، على العكس، يمثِّل بداية تصعيد عسكري ضد النظام. ينبغي أن يؤخذ في الحسبان أن الهجوم على خان شيخون ليس الأول بهذه المواصفات، ذلك أنه في قصف الغوطه بغاز السارين في صيف عام 2013 قضى 1466 شخصاً. آنذاك توصل بوتين وأوباما إلى اتفاق ينص على عدم التحقيق في تلك الجريمة وعدم محاكمة المسؤولين عنها في مقابل تخلص النظام من ترسانته من الأسلحة الكيميائية. الرسالة كانت جلية: الطيران السوري يمكنه الاستمرار في قصف شعبه بالأسلحة التقليدية.
يبدو واضحاً الآن أن الطريقة الوحيدة لوقف سيل الموت المتواصل هي فرض مناطق حظر جوي لمنع تكرار حوادث مشابهة. أما بالنسبة لمستقبل الأسـد، فقد أوضحت روسيا وإيران، اللتان أنشأتا محميتيهما في البلد، أنهما لن يسمحا بسقوطه، إلا أنه كما يقول المثل "من يلعب بالنار فإنه يحترق بها في نهاية المطاف".







http://elpais.com/elpais/2017/04/07/opinion/1491558076_145631.html

No comments:

Post a Comment