من هو التالي في السقوط ؟
خوان غويتيسولو – صحيفة ال باييس الإسبانية
إن الوضع الحالي
يشبه لعبة البولينغ . و السؤال هو : من هو التالي في السقوط ؟ فبعد سقوط أنصاب الهارب ابن علي و الذليل
مبارك ، و ذلك الذي وصم الثائرين عليه من شعبه بالجرذان و حرّض على قتلهم كالكلاب
المسعورة ، فانتهى مختبئاً كالأولى في أنابيب التصريف و لاقى حتفه مثل الثانية في تصفية
ميدانية غير قانونية لكنها متوقعة ، بعد هذا كله تتحول أنظام العالم كله باتجاه الطاغية
السوري الذي يتزايد ، يوماً بعد آخر ، عدد ضحاياه " المحبوبين " الذين يُكَذِّبُون
بدمائهم
وعوده الخداعة بالانفتاح و
الانتقال إلى نظام تعددي . لكن رغم المعدّل المتزايد و المدهش للموتى و القتلى فإن
النُّصُب مازال واقفاً بدون أن ينجح أي واحد من الفاعلين في اللعبة المعقدة في
توجيه الضربة القاضية إليه.
في تصريحاته
الحديثة للصحافة البريطانية صرّح الديكتاتور المحاصَر بنصف الحقيقة : إذا تسببت
الحرب الأهلية الحالية ، أو بالأحرى الحرب التي تشن ضد المدنيين ، في زيادة التدخل
الخارجي ، المطلوب بشكل واضح ، فإن زلزالاً كبيراً سـيهز المنطقة برمتها . و
بالنظر إلى موقـع سـوريا الجغرافي - بوصفها نقطـة محورية في كـل النزاعات – فإن ســقوط
دكتاتورية طغمتها العائليـة المستمرة منذ أكـثر من أربعين عاماً سـيكون له آثـار لا
يمكن توقعهـا ، و سـيربك ، لأسباب مختلفة ، إسرائيل و إيران ، كما سيؤثر على
العربية السعودية و لبنان و الفصائل الفلسطينية المتناحرة .
بينما سيخسر أحمدي
نجاد حليفه الوحيد في المنطقة ، فإن الوضع الراهن المستقر مع إسرائيل و حدود الجولان
الآمنة ، سيفسحان الطريق أمام توتر متجدد جرّاء المشاعر الموالية للفلسطينيين التي
يكنها الثائرون ضد الأسـد ، و التي ستنتقل عدواها إلى المجتمع اللبناني المنقسم و المَلَكية الأردنية غير المستقرة . لا غرو إذن
أن تلتقي هذه المرة مصالح تل أبيب و طهران . أما فيما يخص المملكة السعودية فإن
خوفها المتفاقم من الربيع العربي و تكلس طبقتها الحاكمة الطاعنة في السـن ، تتم ترجمتهما على الأرض بعمليات الشـراء الضخمة
للأسـلحة و بسياسة داخلية مرتكزة على العصا و الجرزة ، و فتاوى تلفت النظر إلى
قداستهم المزعومة و مساعدتهم للسكان المختنقين بالهياكل الوهابية المتصلبة .
لكن العذاب و
الاستشهاد المتواصل لحماة و حمص و درعا و مدن سورية أخرى كثيرة يجب أن لا يبقى دون
قصاص . فبخلاف المجزرة التي ارتُكِبت في حماة عام 1982 فإن الفيديوات و الهواتف المتحركة و الفيس بوك و تويتر و الشبكات
الاجتماعية الأخرى تتيح لنا أن نتابع يوماً بيوم : الاستخدام الوحشي للدبابات و المروحيات
و المدافع ضد المتظاهرين ، و المقابر الجماعية التي تحوي جثث الذين تم إعدامهم ، و
وابل الرصاص الذي ينهمر على أولئك الذي يصطفون مطالبين بسقوط النظام ، والاغتيالات
الانتقائية للمعارضين و تعقب المدونين و التضييق على وسائل الإعلام الأجنبية .
إن السلام الذي يدّعي
بشار الأسـد وأتباعه حمايته هو سلام المقابر . واللجوء إلى التهديد بـ "البعبع" الإسلامي الذي أشهره الديكتاتور يجب أن لا يكون ذريعة للمنظمات الدولية لكي
تبقى مكتوفة اليدين أمام هذا النظام المجرم . النُصُب الرابع يجب أن يتم إسقاطه وكلما كان ذلك أسرع، كلما كان أفضل .
www.elpais.com/articulo/internacional/sera/proximo/elpepiint/20111105elpepiint_2/Tes
No comments:
Post a Comment