Wednesday 6 February 2013

سوريا: إما الإبادة الجماعية وإما القاعدة؟





سوريا: إما الإبادة الجماعية وإما القاعدة؟

كارلوس غونثالث ألباريث*

                                                                                                                                                         

قدَّرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة أنه في أوائل صيف عام 2012 كان قد قتل في سوريا حوالى 10000 مدني و 3200 عنصر في القوات المسلحة والقوى الأمنية. أقرَّت كذلك بصعوبة التتبع، ما يعني أن الرقم يمكن أن يتغير، لكنه يعطي فكرة عن الهول الذي يعيشه هذا البلد. الانفجار السوري يقضي على أكثر من خمسة آلاف مدني في الشهر، وفق التقديرات الأكثر تحفظاً.

أظهر المجتمع الدولي في الغرب أن ليس لديه الحد الأدنى من الاهتمام بالتدخل في سوريا. أستخلصُ من ذلك أن وزارات الخارجية الأوروبية، مطبقةً السياسة الواقعية Realpolitik الأكثر نقاء، مقتنعة  بأن شيطاناً تعرفه، يُدعى بشار الأسـد، خير من بديل مجهول مؤلف من متمردين مدعومين من إسلاميين راديكاليين. إن محللاً محايداً قد يجادل على نحو معقول بأن سـوريا تشهد حرباً أهلية وأن في كل حرب ثمة الآلاف من الموتى. وأن الأمر يتعلق بجبهتين متواجهتين وأن المجتمع الدولي لديه ما يكفي من عبء لحل أزمته الاقتصادية الخطيرة. بل أكثر من ذلك، فبالنظر إلى تطورات الربيع العربي؛ في بلدين مثل ليبيا أو مصر، اللذين ما زالا يشهدان اضطرابات اجتماعية واسعة النطاق، سيكون من الأفضل بقاء الأشياء على ما هي عليه.

حسناً، إن من يفكر بهذه الطريقة مخطىء. فالإنسانية لا يمكنها أن تكون مكتوفة الأيدي بينما تُرتكب جرائم فظيعة بحقها. لا يمكننا البقاء جالسين، بينما يقصف حاكم أحياء بكاملها، مكتظة بالمدنيين في دمشق، أو يقرر قتل ثمانين ثائراُ في حلب، لكي يرميهم مقيدين من ثم في ساقية.  ليس المأزق بين الأسـد والإسلاميين المتشددين، القضية هي فيما إذا كان الغرب يتسامح أو لا يتسامح مع الإبادة الجماعية.

ينبغي وضع حد للإبادة الجماعية بدون تحفظ. ليس هناك مرتكبون جيدون للإبادة الجماعية ومرتكبون سيئون لها. الجميع سيئون، سواء كانت أسماؤهم هتلر، ستالين، بول بوت، صدام حسين، أو بشار الأسـد. إسبانيا وحلفاؤها لا يمكنهم التريُّث مع هذا الصنف من القادة المجرمين من أسوأ الأنواع.

إن اقتراح الحكومة البريطانية برفع حظر الأسلحة عن الثوار السوريين يجب أن يتم إقراره من جانب الاتحاد الأوروبي. والناتو، تحت ولاية مجلس الأمن، يجب أن يقيم منطقة حظر جوي كامل في سوريا؛ بحيث ترجح كفة الجانب الثائر. الأسـد يجب أن يُطاح به وأن يُحاكم على جرائمه  الشنيعة.

إما الإبادة الجماعية وإما القاعدة؟

الكثيرون يعتقدون أن البديل عن الإبادة الجماعية التي يرتكبها هذا الطاغية ستكون شيئأ أسوأ: ظهور الإسلاميين المتشديين، المدعومين من القاعدة. لكن هذا الخطر مبالغ فيه، فليس جميع المتشددين بإرهابيين. لا أود أن أرى القاعدة مسيطرة في سوريا، لكن لو حدث هذا، فالزمن كفيل بالتعامل معها، كما نقوم بذلك فعلياً في مالي. إذا كان هنالك تدخل عسكري غربي، وخاصةً بالقوات البرية، فسيوضع الأساس من أجل السلام وإعادة البناء في سوريا، التي يرغب الكثير من شعبها في الحرية والديموقراطية. إن سوريا، علاوة على ذلك، هي عنصر أساسي في استقرار الشرق الأوسط.

السياسة الدولية، كما يُدَّعى في بعض الأحيان، لا يمكن أن تكون غير أخلاقية. لايمكن أن تروق لنا الأنظمة الطغيانية مثل الصين، حتى لو تعاملنا معها بالأعمال التجارية؛ لا يمكننا أن نتسامح مع بينوشيه لأننا من اليمين أو مع أُوغو تشافيز لأننا من اليسار. الطغاة، والديكتاتوريون، دع عنك مرتكبي الإبادة الجماعية، لا مكان لهم في المعمار الأخلاقي الغربي.

الأنظمة الديموقراطيات أفضل وتحظى بمستوى أخلاقي أرفع لأنها عرفت كيف توفِّر آليات تتيح لمواطنيها العيش بحرية... وكتابة مقال مثل هذا.







* مدير مرصد الاستخبارات والأمن والدفاع في إسبانياCISDE  .










http://observatorio.cisde.es/?p=4585


No comments:

Post a Comment