Tuesday 29 April 2014

أعطوني السلاح وسأحرر سـوريا في عشرة أيام




أعطوني السلاح وسأحرر سـوريا في عشرة أيام

ناتاليا سانتشا- صحيفة الباييس الإسبانية


عرسال (وادي البقاع)- بين الحواجز العسكرية للجيش اللبناني ومقالع الحجارة ينفتح الطريق إلى عرسال، الواقعة على بعد سبعة عشر كيلومتراً من الحدود مع سوريا والملاذ الأخير للثوار. لم تعد تُرى الشاحنات الصغيرة المحملة بالرجال والنساء والأطفال، بالوجوه الممتقعة جرّاء الخوف والشعر المعفرَّ بغبار الطريق، المتشبثين بالقليل من الأمتعة التي تمكنوا من إنقاذها في فرارهم المتعجل تحت قذائف الجيش السوري. بعد احتلال إقليم القلمون من قِبل قوات بشار الأسـد في الشهر الماضي -ضربة قوية للمعارضة- المقاتلون الثوار فقط هم من يعبرون هذه المنطقة الصخرية.
نقص الأغذية، والتمويل ربما، هما ما أخرج القائد أبو سالم من الجبال التي توفر له الحماية. في عامه السابع والأربعين، أبو سالم، المتحدر من جبعدين حيث ما تزال تُتكلم اللغة الآرامية، يبدو بلحية طويلة ملطخة بالرمادي. يقود كبرى مجموعات الثوار التي بقيت في القلمون. "الهزيمة كانت مفاجأة وكانت خيانة. خلال سبعة وعشرين يوماً قاومت وقاتلتُ مع رجالي الـ 235 في الصرخة (منطقة بين يبرود ورنكوس) وخسرنا سبعة وثلاثين رفيقاً بينما الرجال الستمائة في رنكوس، بجغرافيتها الأكثر مناسبة للقتال، انسحبوا في أربعة أيام تاركين الأرض خالية للنظام.
"كان علينا أن ننسحب"، يروي هذا القائد الإسلامي في أحد البيوت في منتصف الطريق بين الجبال وعرسال. الثوار يتهمون السلطات المدنية في القلمون والنظام القطري بالاتفاق مع نظام الأسد على التخلي عن القتال تاركين الأرض للجيش السوري لاستعادة المنطقة وتأمين الطريق الاستراتيجية التي تصل دمشق بحمص.
أبو سالم الذي يقود اليوم "أنصار الحياة"، كبرى مجموعات المقاتلين مع 216 رجلاً، يؤكد أنه بقي ستمائة فقط من الخمسة آلاف الذين كانوا يقاتلون في القلمون. "ارتكبنا خطأ كبيراً بالقتال من البيوت. لكن الحرب الحقيقية تبدأ الآن. انسحبنا إلى الجبال وسنقوم بتنفيذ غارات سريعة بكتائب صغيرة ضد الجيش على طراز حرب العصابات الأمريكية اللاتينية"، يواصل القائد كلامه.
خطيب بالفطرة، يبتعد أبو سالم في خطابه عن فصائل إسلامية أخرى كلواء تحرير الشام، الدولة الإسلامية في العراق والشام، أو النصرة الذين ينسق مع قادتهم عمليات محددة لكنه لا يشاركهم في المنهج. "رجالي هم أولاد القلمون وهم مصممون على الموت دفاعاً عن أرضهم. لا نريد المال. أعطوني سلاحاً بعيد المدى وأنا سأقود فقط أبناء سـوريا لتحريرها في عشرة أيام. وإلا، سيكون أمامنا عشرة أعوام من القتال"، يختم كلامه.
منذ بداية الأزمة السورية في آذار| مارس 2011 أعلنت السلطات المحلية في عرسال عن مساندتها للثوار. عرسال، هذه الواحة السُنية وسط منطقة البقاع الشيعية المسيطر عليها من قبل مليشيا- حزب الله (حليف وثيق لنظام الأسـد)، صارت معزولة سياسياً وجعرافياً عن بقية لبنان، الذي يسيطر جيشه على إحدى عشرة نقطة للدخول إلى المدينة.
"يوجد 35000 لبناني في هذه المدينة وسجلنا 120 ألف لاجىء سوري"، يقول علي محمد الحجيري، رئيس بلدية عرسال. هذا يمثِّل 12 بالمائة من المليون الذين أحصتهم وكالة اللاجئين التابعة للأم المتحدة في لبنان.
الأقمشة البيضاء والزرقاء في الستين مخيماً التي تشكل مأوى اللاجئين تلمع تحت الشمس. "النصف يعيشون في بيوت والبقية في خيم. لم يعد هناك مكان"، يؤكد محسن جبور، العامل في ICU ، منظمة سورية غير حكومية. من كل أربعة قاطنين في عرسال ثلاثة هم سوريون يحملون روايات رهيبة عن الحرب والدمار. "لا مال لدينا ولا حتى لشراء الحليب"، تؤكد أم محمد التي كان عليها أن تدفع 230 يورو للهروب من يبرود. "مع الخوف من القصف انقطع حليبي ولم أعد أستطيع الإرضاع"، تتأسف ضاغطة مولودها الجديد على صدرها.
البنى التحتية في عرسال باتت مثقلة والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية والسورية تعمل في سباق مع الزمن لتوفير التعليم والصحة، والتموين بالماء والكهرباء والغذاء. الطبيب السوري أبو بكر افتتح المستشفى الأولى في عرسال مع عيادة، بمساعدة بقيمة خمسين ألف يورو شهرية تصل من قطر ومن الصليب الأحمر، تحاول العناية بسبعمائة مريض يومياً.
تتشكل بين اللاجئين مراتب مختلفة. الذين مضى عليهم سنتان يقيمون في هياكل صغيرة من الإسمنت، فيما يتعرض الواصلون بعد معركة القلمون للبرد أو الحر تحت الخيام المكونة من عدة ألواح من الخشب وقماش رقيق. المخيمات اكتسبت أسماءها حسب من يقيم فيها. وهكذا ففي مخيم "أبناء الشهداء، تقيم الأرامل والأيتام، وفي مخيم "المعلمون"، يقيم المدرِّسون الذين فروا من يبرود.
الأكثر بؤساً هم اللاجئون المحاصرون في طرف الستة كيلومترات القليلة التي تفصل بين الحاجز العسكري الأخير للجيش اللبناني والأراضي السورية. متروكين في أحد السهول يحضرون معهم قطعانهم. عند سماع صوت الطائرة السورية تركض النساء والأطفال بشكل غريزي للاختباء في إحدى الخيام. كما لو أن البنية الهشة التي لا تتحمل رفسة طفل سيمكنها توفير الحماية لهم.
"الطيران السوري يقصف المناطق المحيطة بعرسال كل أسبوع. لانستطيع العودة إلى سـوريا ولا الدخول إلى عرسال وسنبقى تحت القذائف"، يروي واحد من قادة المجموعة. "غالبية الـ 120000 ألف لاجىء لن يكون بإمكانهم العودة إلى سوريا "الأسد". إنهم محكومون بالمنفى، أو الموت إن عادوا"، يختم رئيس بلدية عرسال كلامه.






http://internacional.elpais.com/internacional/2014/04/26/actualidad/1398521254_580107.html

No comments:

Post a Comment