Tuesday 13 May 2014

حِمص بوصفها دلالةً




مقالة افتتاحية في صحيفة الباييس الإسبانية بتاريخ 12-05-2014

حِمص بوصفها دلالةً
سقوط المدينة الثائرة يعزز الطاغية السوري في مواجهة السلبية الغربية


الاستيلاء ثانيةَ على حِمص، ثالثة مدن البلاد، من قبل قوات بشار الأسـد عزز من ثقة الطاغية السوري. فالقضاء على المقاومة في ما كانت عاصمة الثورة، التي أخلتها مؤخراً قوات المعارضة بعد عامين من الحصار والقصف، ينضاف إلى نجاحات حكومية أخرى -في ضواحي دمشق ووسط وغرب البلاد- خففت من الضغط العسكري على نظام متأكد الآن من بقائه. تعبيره الأكثر سريالية عن هذا هو قرار الأسـد بالترشح لإعادة انتخابه رئيساً في حزيران| يونيو. إنه منصب سيقوم ملك الملوك، كما تقول بعض اللافتات التي تكسو دمشق بالورق، بإعادة ثبيت شرعيته من غير شك على الجزء الذي يسيطر عليه في بلد مدمر.
أن يعتبر الأسـد ومن معه خطر السقوط الوشيك زائلاً فهذا أمر يستند على أساس. وإذا كان الغرب لم يبال بواحد من أكثر الصراعات مأساوية في أيامنا، فإن حلفاء الرئيس السوري (روسيا، إيران، ميليشيا حزب الله اللبنانية) يواصلون ممارسة دورهم. إن حدوث انقلاب (في الوضع) ليس متوقعاً إلا إذا حدث تغير جذري لواحد من العناصر الرئيسية في المعادلة السورية. وعلى المدى القصير، فإن الانتصار العسكري للثائرين المنقسمين والمتواجهين ليس أمراً وارداً كما هو كذلك اتفاق مُتفاوَض عليه عبر الطريق الديبلوماسية.
إن الرجل الذي جعل من احتجاج سلمي ضد ديكتاتوريته حرباً أهلية وحشية أعيد تأهيله من قبل القوى الديموقراطية إلى وضع شريك، بعد أن قبل بالتخلي عن الترسانة الكيميائية التي كان يستخدمها ضد شعبه مقابل تجنب هجوم بالصواريخ أعلن عنه أوباما، وهو إخفاق في سياسته الخارجية. الرفض الغربي لتسليح المعارضة تكفل بالباقي. في سوريا، المتحولة إلى لغز من المناطق المسيطر عليها من قبل النظام أو معارضيه، تشكل نوع من نقطة عطالة غير مستقرة قد تستغرق سنوات قبل أن تثبت.
يستطيع الأسد أن يعتبر نفسه اليوم أكثر أماناً، لكن كل الحجج التي تجعل منه شخصية غير مقبولة مستمرة. فالطاغية السوري، المسؤول المباشر عن الكارثة، وارث ديكتاتورية عائلية ومحرِّض على جرائم حرب وضد الإنسانية لا تعد ولا تحصى، ليس في وضع تهدئة بلد دمره. لكن قبل كل شيء، إن تلك الجرائم تجعل من المستحيل على القوى الديموقراطية التعامل معه كمحاور سياسي بدون أن تتنكر مسبقاً لكل تلك القيم التي تعلن على رؤوس الأشهاد أنها لا يمكن التنازل عنها.






http://elpais.com/elpais/2014/05/11/opinion/1399834064_759413.html

No comments:

Post a Comment