Wednesday 18 April 2018

الخطوط الحمر في سـوريا



الخطوط الحمر في سـوريا

رافائيل بيلاسَنْخوان – موقع البريوديكو الإسباني


دعونا لا نندفع في انتقاد الهجوم بالصواريخ الأمريكية والفرنسية والبريطانية في سـوريا كما لو أنها السبب في سيناريو جديد يمكن أن يجلب المزيد من المعاناة والألم. القصف ليس هو الحل على الإطلاق، لكن إذا كان الجيش السوري قد استعمل أسلحة كيميائية ضد شعبه، متجاوزاً ذلك الخط الأحمر الذي تحظره قوانين الحرب الدولية، فإن الحيلولة بكل السبل دون أن يبقى السكان المدنيون عرضة للإبادة هو واجب ملزم ويمكن أن يشمل ذلك هجوماً بالأسلحة لتفادي المزيد من المذابح بالأسلحة الكيميائية.

كم مرة يجب أن تتكرر الوحشية؟ رغم المسافة، يبقى هتلر أو ستالين أو الإبادة الجماعية في رواندا في  الذاكرة فصولاً مخزية حيث كان لتدخلٍ في الوقت المناسب أن ينقذ أرواحاً كثيرة. الممارسات الإجرامية لبشار الأسـد في سوريا لا تختلف كثيرأ ورغم احتمال أن الرد قد لا يكون عسكرياً وحسب، فإنه لأمر مقلق أن يواصل القتل العشوائي، وأن يستمر في التعذيب الممنج لكل معارضيه، وأن يستعمل، إضافة إلى ذلك، الغازات الكيميائية للقتل من الجو، هنالك حيث لا يستطيع جنوده الدخول بالدم والنار.

وهم محض

لو أن تلك المائة من الصواريخ دمرت الترسانة الكيميائة أو قلصتها إلى حد معتبر فهذا جيد، لكن، بخلاف السلاح النووي، فإن إعداد الأسلحة الكيميائية ليس أمراً معقداً وادعاء وضع حد للتهديد بمهاجمة المنشآت هو وهم محض. في أفضل الأحوال سيكون هذا العمل غير ذي صلة، وفي أسوأها سيكون إشارة إلى الأسـد ليدرك بأن يديه مطلقتان بمواجهة عجز الغرب وغياب خطة لإنهاء مذبحته. لأن حقيقة الصواريخ هي أنها كانت فقط عملاً للاستعراض، بغية حفظ ماء الوجه بدون الدخول في تقييم ولو حتى واحدة فقط من المشكلات التي ينبغي مواجهتها من أجل الحيلولة دون أن تودي مجازر جيدة  كل يوم بالأطفال والأمهات الأبرياء، وآلاف من المدنيين لا يريدون إلا العيش بسلام.

ما يحتاجه السوريون ليس دليلاً بالخطوط الحمر، بل أن نتحمل مسؤولية لاجئيهم بينما تفتح طاولة مفاوضات دولية بين الدول المتورطة في الصراع. هجوم ديبلوماسي جديد -مع التهديد بالسلاح إذا كان ضرورياً- لإجبار الحكومة السورية على القبول بممرات إنسانية تصل إلى المناطق المحاصرة وتفتح الطريق أمام المنظمات الدولية للمساعدة. لكن عندما نكون عاجزين حتى عن حماية اللاجئين الذين نطردهم من حدودنا، إذا أريد الترويج لفكرة حماية السكان المدنيين العزل، فإن الإشارة المنطلقة مع كل واحد من تلك الصواريخ هي كذبة كبيرة.

يعلم بشار الأسـد أنه ليست هناك خطوط حمر لأن زمناً قد انقضى منذ أن فقد الغرب أخلاقيات هذه المعركة. وإن كسبها ليتطلب السير في طريق آخر. أو ربما إنه ليس الشيء نفسه أن تخنق بغاز السارين سكاناً محاصرين وأن تحكم عليهم بعذاب مشابه، بإغراقهم في البحر الأبيض المتوسط، بينما يُدفع إلى المافيات ويُقْتَطَعُ من المنظمات التي تحاول منع حدوثه؟ أين هي الخطوط الحمر؟ 






https://www.elperiodico.com/es/opinion/20180415/rafael-vilasanjuan-lineas-rojas-siria-6760216

No comments:

Post a Comment