Saturday 31 December 2011

سـوريا، الامبريالية والسـوريون


سـوريا ، الامبريالية و السوريون
سانتياغو غونثالث باييخو  – موقع : ريبليون


أنا واحد من الموقعين على البيان * الذي يتصدره سانتياغو ألبا **. لقد شكرته على مبادرته . كانت لدي بالفعل نقاشات حول سوريا في حوارات و مؤتمرات مختلفة سابقة على نشر البيان . و التباين في الآراء كان و ما يزال كبيراً . يؤكد البيان المذكورعلى فكرة أساسية : لا يمكن أن نغمض أعيننا أمام حقيقة أن نظام الأسـد هو نظام ديكتاتوري . ضد الأنظمة الديكتاتورية يجب أن يكون تموضعنا . نساند التحولات السلمية ، و البحث عن تغيير في النظام ... و هلم جرا . لكن في كل الأحوال ، الطغاة ليسوا الحلفاء الاستراتيجيين لليسار . من المشكوك فيه  أن  نظام الأسـد كان حليفاً يوماً ما . فما بالك بأن يكون حليفاً لليسار .
أشخاص مختلفون فهموا و يفهمون أن ليس كل ما يلمع هو ذهب  في الثورة السورية ، فهم يثمنون دور سـوريا في الإطار الشرق أوسطي بوصفها " مناهضة للامبريالية " ، و يسلطون الضوء على التغيير في الخط التحريري لقناة الجزيرة ، بالاضافة إلى الهجوم و الطراز الإعلامي الغربي – بعد الهجوم على ليبيا – الخ  ، وكمحصلة لتحليلاتهم ، فإن موقفهم هو أنه ليس علينا مساندة هذه الثورة . إضافة إلى ذلك ، تتضمن مجادلاتهم عناصر مثل : التدخل الخارجي ، العمليات الاستخباراتية ، المعارضون المرتزقة أو المدعومون من الخارج ، و أخيرا توزيع الأسلحة على مجموعات  أو ميليشيات معارضة .
بطبيعة الحال ، يمكن أن يتم وصف هذه  الطروحات بظلال و كلمات أفضل .
لكن لو تركنا جانبـاً النيات الطيبة بأن هـدف هذه المحاججات هو إظهار الشـر الغربي –الصـهيوني – السـعودي و أنـه كـان أمـراً ممكناً أن يتحـول نظـام الأســد إلى ديموقراطـية ( اشتراكية ) فإنني أعتقد أن هناك تقييماً خاطئاً ، و فوق كل شيء ، خطأً أخلاقياً .
لذلك ، و في محاولة لتقديم طرح مختلف عن الطرح السالف ذكره ، أريد القيام باستدلال تمثيلي قد تدركه بشكل أفضل الأجيال التي ناضلت ضد الفرانكوية ( ديكتاتورية الجنرال فرانكو في إسبانيا ) .
لو أن شخصاً " مناهضاً للامبريالية " في أيام دكتاتورية فرانكو أراد إقناعنا بأن نتبنى سلطة البنية الحزبية الديكتاتورية و أن نغلق أعيننا أمام انتهاكاتها و تجاوزاتها على أساس أن نظام فرانكو كان حليفاً للأنظمة (الأنظمة الديكتاتورية ) العربية و أنه لم تكن له علاقات مع إسرائيل ، لكنَّا اعتبرنا ذلك أمراً فضائحياً .
الجمهورية العربية السورية الموجـودة حالياً ، و ليست التي كـان من الممكن أن تكون موجودة ، هي المكان الذي تورَّث فيه السلطة من الأب إلى الابن ، و هي حيث يوجد نظام حكم  فاسـد و قاتل و معذِّب ، يتصرف على هواه منذ عقود و ليس لديه ما يدفعه لتعديل سلوكه . و هذا هو ما يجب محاربته .
إن دعاية النظام المعادية لإسرائيل ، التي هي ليست إلا حجة و ستاراً أمام الغير ، لا تسوِّغ له التسبب في معاناة الشعب السوري . كما أن تعهده لقومية طنّانة ، تستوعب لبنان على أنه جزء خاص بها ، يفسر في مرات كثيرة تغييراته التكتيكية المستمرة أكثر مما تفعله ايديولوجية يتجرأ البعض على وصفها بالتقدمية .
إن نضال الشعب السوري في سبيل المواطَنَة ، و فقدانه للشعور بالخوف ،  ليس حائلاً دون الاعتراف بأن وسائل الإعلام تلعب دوراً ، و أنها تحابي ، إعلامياً ، معارضة  دون أخرى ، و أن هناك مصالح استراتيجية يُراد امتطاء ظهر مطالبات الشعب السوري بالحرية  لتحقيقها .
لكن ، مع ذلك كله ، لا يمكن لنا أن نخطئ التقدير . فحقوق الإنسان هي المعيار الذي يوجه خطواتنا أمام  الضبابية  و الالتباس الاعلامي . لا يمكن أن نقبل بنظام الأسـد كجزء من قيمنا . لا يمكن تصنيفه في عداد المناهضين للامبريالية بسبب تبنيه الانتهازي ، حسبما و عندما يحلو له ، لشعارات معادية للصهيونية ، بينما هو يرتهن الفلسطينيين أو يستخدمهم كأدوات في سبيل مصالح فاسدة  .
إن دكتاتورية الأسـد هي ديكتاتورية و حسْب . لا يمكن أن نكون ضد الحرية و ضد حقوق الإنسان ، هذه القيم التي لا تعني شيئاً عند الجهاز القمعي السـوري و في قاموس مصطلحاته . لم تعد صالحة تلك الفكرة القائلة بأن عدو عدوي هو صديقي . يجب أن نكون مع الشعب السوري و أن لا نواجهه بمعضلة أن  مسانديه في سبيل التحرر من الطغيان يوجدون فقط في المعسكر الامبريالي الغربي و أن أولئك الذين يُدْعَون بمناهضي الامبريالية يدعمون جهازاً استبدادياً . نعم يجب أن نميز بين المعارضين ، و يجب أن نساعد الثائرين على الطغيان ، فهم سيكونون ، فضلاَ عن ذلك ، أخوة نضالنا في أي ناحية من أنحاء العالم ، سيكونون أولئك المناهضين للفرانكوية في الأمس ، و الذين سوف يساندون النضال المناهض للامبريالية و الصهيونية في الغد .



 -     سانتياغو غونثالث باييخو : كاتب و عضو في لجنة التضامن مع القضية العربية .
*    بيان للتضامن مع الشعب السوري وقعه مجموعة من الشخصيات ذات التوجه اليساري في بلدان مختلفة ، صدر في السادس من تشرين الثاني | نوفمبر الماضي .
**   كاتب إسباني ، يساري الاتجاه ، ولد في مدريد  عام 1960 . يقيم في تونس .



www.rebelion.org/noticia.php?id=141455

No comments:

Post a Comment