هل يمكن تفادي الحرب في سوريا ؟
الجامعة العربية تقدم لآل الأسد الفرصة
الأخيرة لتجنب مصير القذافي
خابيير بالينثويلا – صحيفة ال باييس
الاسبانية
من بين كل
الديكتاتوريات الموجودة في العالم ، فإن الديكتاتورية السورية هي التي أمضت ثمانية
شهور وهي ترتكب الجريمة الفاضحة بالقتل اليومي لـ عشرة ، خمسة عشر، عشـرين أو أكـثر
مـن مواطنيها لمجـرد قيامـهم بالتظـاهر في الشـوارع مطالبـين بالحـرية والكرامـة. المجتمع الدولي تحت قيادة باريس ولندن ، لم يحتج إلى كل هذا الوقت من أجل الدفع
باتجاه التدخل في ليبيا لإنهاء طغيان القذافي .
إنه لأمر هام جداً
، آخذين بعين الاعتبار العقوبات التي فرضتها الجامعة العربية على سوريا ، أن يستشهد
رئيس وزراء قطر و حامل حقيبة وزارة خارجيتها حمد بن جاسم آل ثاني يوم الأحد الماضي
بهذه الآية من القرآن :" أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما
قتل الناس جميعاً " . و رغم أنها ذُكرت من شخص لا يتمتع بسلطة دينية ، فإنها بدت
كما لو أنها فتوى تدين نظام آل الأسـد .
حض حمد بن جاسم آل
الأسد على " وقف المذبحة ، و وقف نزف الدماء " . ذلك أن القمع الوحشي
للاحتجاجات الشعبية قد أوقع في سوريا أكثر من 3500 قتيل حسب تقديرات المنظمات
الدولية لحقوق الإنسان . هذا من غير أن
نتحدث عن الجرحى و المعتقلين و المتعرضين للتعذيب و اللاجئين .
برفضهم العنيد و
المتصلب فإن عشيرة الأسـد – الرئيس بشار و شقيقه ماهر و بقية أقربائهم - قد تجعل من الحرب في سوريا أمراً لا يمكن
تفاديه . أعني بذلك حرباً مفتوحة و كبيرة ، حرباً ذات بعد وطني ، إقليمي و حتى دولي
، حرباً تذهب إلى ما هو أبعد من المواجهات المسلحة التي تحصل فعلياً بين متمردين
من الجيش السوري الحر ، المُشكّل من جنود منشقين ، و قوات النظام .
في غضون ذلك ، يظهر
المجتمع الدولي تردده عندما يتم طرح موضوع تدخل عسكري في سوريا حتى و لو كأمر
محتمل . فالناتو ، و هو اللاعب الرئيسي في عملية ليبيا ، ليس لديه أدنى رغبة في الشروع
في عملية في الشرق الأدنى ستكون أكثر تعقيداً بكثير وفق كل وجهات النظر مقارنة
بليبيا . أما روسـيا و الصين ، فهما تستمران في حماية نظام آل الأسـد .
إلى متى يمكن أن
يستمر هذا الوضع ؟ إن القرار الصادر يوم
الأحد الماضي من الجامعة العربية الذي عارضه لبنان فقط ، التابع البائس لسوريا ، هو
خطوة هامة إلى الأمام باتجاه تغيير في المشهد . فالرسالة التي بعث بها اجتماع
القاهرة لا يمكن أن تكون أكثر وضوحاً : إذا لم ينصت آل الأسـد إلى إخوانهم العرب ،
فسيكون عليهم تحمل التبعات . هكذا قالها القطري حمد بن جاسم آل ثاني :" إذا
أخفقنا نحن العرب ، فهل تعتقدون أن الضمير الدولي سيبقى صامتاً إلى الأبد حول هذه
القضية ؟ ".
بدأت الاحتجاجات
في سوريا بصورة سلمية متبعة نموذج الثورتين التونسية و المصرية . لكن رد العسكر
السوريين كان ، بالرغم من ذلك ، مختلفاً جداً . فبدلاً من الامتناع عن إطلاق النار
ضد شـعبهم ، فإن العسكريين السوريين ، أو بالأحـرى القول ، قيادتهم العليـا و
وحداتهم الأفضل تسليحاً و تدريباً ، لم يتورعوا عن الانضمام إلى الشرطة و عناصر
المخابرات و شبيحة النظام ساعة سحق الاحتجاجات . ذلك أن قلب القوات المسلحة
السورية في أيدي العلويين ، أعضاء هذه الأقلية الدينية المتفردة التي ينتمي إليها
آل الأسـد . إنهم يرون هذه الأحداث ليس فقط كصراع بين الديكتاتورية و أماني الشعب
في الحرية ، و إنما أيضاً كاختبار للقوة
بين طائفتهم و بقية الشعب ، السني في غالبيته .
هذا الموقف زاد من
الانشقاقات بين العسكريين السُنّة و أفسح المجال لبداية مقاومة عسكرية مسلحة . إن
هذه الظواهر يمكن أن تتنامى فقط مع مرور الوقت ، فاتحة الأبواب أمام حرب أهلية
كاملة . من جانب آخر ، إن الدعم غير المشروط من الطائفة العلوية إلى آل الأسـد سوف
يعزز المنحى الطائفي للنزاع . تتزايد المواجهات بين المدنيين العلويين و السنيين و
يصبح بالإمكان سماع أصوات تهدد بأن نهاية آل الأسـد ستُتَرجَم إلى أعمال انتقامية
قاسية ضد إخوتهم من الطائفة نفسها .
بخلاف ما حدث في
ليبيا ، فإن حرباً مفتوحة في سوريا سيكون لها تداعيات هامة في الشرق الأدنى ، حتى
لو لم يتدخل المجتمع الدولي إلى جانب أحد الطرفين . يمكن لآل الأسـد أن يطلبوا
النجدة من حلفائهم في إيران و حزب الله ، الذين يقدمون لهم المساعدة فعلياً في
أعمال القمع . و من بين البلدان التي ستكون متأثرة تبرز تركيا ، لبنان ، العراق ،
إيران ، الأردن ، العربية السعودية و إسرائيل .
إن الإقرار بأن
انفجار النزاع السوري سيكون له تداعيات واسعة يجب أن لا يكون حجة للسكون و عدم الحركة . على العكس ، إنه
دعوة لتصرف فوري و حاسم على خط قرار
الجامعة العربية . إن المشكلة الرئيسية هم آل الأسـد ، إنها تعنتهم الذي يدفع
بلدهم و الشرق الأدنى و العالم إلى الكارثة . بدونهم ، يمكن لسوريا أن تجد طرقاً
لتجنب الفوضى . هذا ما تقوله ريم العلاف في مقالتها المنشورة في صحيفة الغارديان .
بعد تصديها للمحاجات الباطلة لآل الأسـد ( نحن أو الطوفان ) ، تتذكر الصحافية و
الكاتبة السورية أن بلادها عرفت ، بعد الحرب العالمية الثانية ، مرحلة من
الديموقراطية البرلمانية ، بمجتمع مدني نابض بالحياة و حريات صحفية واسعة . ذلك الأساس
لا زال هناك ، تضيف العلاف ، و كلما كان سقوط نظام الأسـد أسـرع كلما كان استرجاعه
أكثر سهولة .
www.internacional.elpais.com/internacional/2011/11/28/actualidad/1322495642_665097.html
No comments:
Post a Comment