Sunday 4 December 2011

هل يمكن تفادي الحرب في ســوريا؟


هل يمكن تفادي الحرب في سوريا ؟
الجامعة العربية تقدم لآل الأسد الفرصة الأخيرة لتجنب مصير القذافي

خابيير بالينثويلا – صحيفة ال باييس الاسبانية


من بين كل الديكتاتوريات الموجودة في العالم ، فإن الديكتاتورية السورية هي التي أمضت ثمانية شهور وهي ترتكب الجريمة الفاضحة بالقتل اليومي لـ عشرة ، خمسة عشر، عشـرين أو أكـثر مـن مواطنيها لمجـرد قيامـهم بالتظـاهر في الشـوارع مطالبـين بالحـرية والكرامـة. المجتمع الدولي تحت قيادة باريس ولندن ، لم يحتج إلى كل هذا الوقت من أجل الدفع باتجاه التدخل في ليبيا لإنهاء طغيان القذافي .
إنه لأمر هام جداً ، آخذين بعين الاعتبار العقوبات التي فرضتها الجامعة العربية على سوريا ، أن يستشهد رئيس وزراء قطر و حامل حقيبة وزارة خارجيتها حمد بن جاسم آل ثاني يوم الأحد الماضي بهذه الآية من القرآن :" أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً " . و رغم أنها ذُكرت من شخص لا يتمتع بسلطة دينية ، فإنها بدت كما لو أنها فتوى  تدين نظام آل الأسـد .
حض حمد بن جاسم آل الأسد على " وقف المذبحة ، و وقف نزف الدماء " . ذلك أن القمع الوحشي للاحتجاجات الشعبية قد أوقع في سوريا أكثر من 3500 قتيل حسب تقديرات المنظمات الدولية لحقوق الإنسان  . هذا من غير أن نتحدث عن الجرحى و المعتقلين و المتعرضين للتعذيب  و اللاجئين .
برفضهم العنيد و المتصلب فإن عشيرة الأسـد – الرئيس بشار و شقيقه ماهر و بقية أقربائهم  - قد تجعل من الحرب في سوريا أمراً لا يمكن تفاديه . أعني بذلك حرباً مفتوحة و كبيرة ، حرباً ذات بعد وطني ، إقليمي و حتى دولي ، حرباً تذهب إلى ما هو أبعد من المواجهات المسلحة التي تحصل فعلياً بين متمردين من الجيش السوري الحر ، المُشكّل من جنود منشقين ، و قوات النظام .
في غضون ذلك ، يظهر المجتمع الدولي تردده عندما يتم طرح موضوع تدخل عسكري في سوريا حتى و لو كأمر محتمل . فالناتو ، و هو اللاعب الرئيسي في عملية ليبيا ، ليس لديه أدنى رغبة في الشروع في عملية في الشرق الأدنى ستكون أكثر تعقيداً بكثير وفق كل وجهات النظر مقارنة بليبيا . أما روسـيا و الصين ، فهما تستمران في حماية نظام آل الأسـد .
إلى متى يمكن أن يستمر هذا الوضع  ؟ إن القرار الصادر يوم الأحد الماضي من الجامعة العربية الذي عارضه لبنان فقط ، التابع البائس لسوريا ، هو خطوة هامة إلى الأمام باتجاه تغيير في المشهد . فالرسالة التي بعث بها اجتماع القاهرة لا يمكن أن تكون أكثر وضوحاً : إذا لم ينصت آل الأسـد إلى إخوانهم العرب ، فسيكون عليهم تحمل التبعات . هكذا قالها القطري حمد بن جاسم آل ثاني :" إذا أخفقنا نحن العرب ، فهل تعتقدون أن الضمير الدولي سيبقى صامتاً إلى الأبد حول هذه القضية ؟ ".
بدأت الاحتجاجات في سوريا بصورة سلمية متبعة نموذج الثورتين التونسية و المصرية . لكن رد العسكر السوريين كان ، بالرغم من ذلك ، مختلفاً جداً . فبدلاً من الامتناع عن إطلاق النار ضد شـعبهم ، فإن العسكريين السوريين ، أو بالأحـرى القول ، قيادتهم العليـا و وحداتهم الأفضل تسليحاً و تدريباً ، لم يتورعوا عن الانضمام إلى الشرطة و عناصر المخابرات و شبيحة النظام ساعة سحق الاحتجاجات . ذلك أن قلب القوات المسلحة السورية في أيدي العلويين ، أعضاء هذه الأقلية الدينية المتفردة التي ينتمي إليها آل الأسـد . إنهم يرون هذه الأحداث ليس فقط كصراع بين الديكتاتورية و أماني الشعب في الحرية  ، و إنما أيضاً كاختبار للقوة بين طائفتهم و بقية الشعب ، السني في غالبيته .
هذا الموقف زاد من الانشقاقات بين العسكريين السُنّة و أفسح المجال لبداية مقاومة عسكرية مسلحة . إن هذه الظواهر يمكن أن تتنامى فقط مع مرور الوقت ، فاتحة الأبواب أمام حرب أهلية كاملة . من جانب آخر ، إن الدعم غير المشروط من الطائفة العلوية إلى آل الأسـد سوف يعزز المنحى الطائفي للنزاع . تتزايد المواجهات بين المدنيين العلويين و السنيين و يصبح بالإمكان سماع أصوات تهدد بأن نهاية آل الأسـد ستُتَرجَم إلى أعمال انتقامية قاسية ضد إخوتهم من الطائفة نفسها .
بخلاف ما حدث في ليبيا ، فإن حرباً مفتوحة في سوريا سيكون لها تداعيات هامة في الشرق الأدنى ، حتى لو لم يتدخل المجتمع الدولي إلى جانب أحد الطرفين . يمكن لآل الأسـد أن يطلبوا النجدة من حلفائهم في إيران و حزب الله ، الذين يقدمون لهم المساعدة فعلياً في أعمال القمع . و من بين البلدان التي ستكون متأثرة تبرز تركيا ، لبنان ، العراق ، إيران ، الأردن ، العربية السعودية و إسرائيل .
إن الإقرار بأن انفجار النزاع السوري سيكون له تداعيات واسعة يجب أن لا يكون  حجة للسكون و عدم الحركة . على العكس ، إنه دعوة لتصرف فوري و حاسم على خط  قرار الجامعة العربية . إن المشكلة الرئيسية هم آل الأسـد ، إنها تعنتهم الذي يدفع بلدهم و الشرق الأدنى و العالم إلى الكارثة . بدونهم ، يمكن لسوريا أن تجد طرقاً لتجنب الفوضى . هذا ما تقوله ريم العلاف في مقالتها المنشورة في صحيفة الغارديان . بعد تصديها للمحاجات الباطلة لآل الأسـد ( نحن أو الطوفان ) ، تتذكر الصحافية و الكاتبة السورية أن بلادها عرفت ، بعد الحرب العالمية الثانية ، مرحلة من الديموقراطية البرلمانية ، بمجتمع مدني نابض بالحياة و حريات صحفية واسعة . ذلك الأساس لا زال هناك ، تضيف العلاف ، و كلما كان سقوط نظام الأسـد أسـرع كلما كان استرجاعه أكثر سهولة .



www.internacional.elpais.com/internacional/2011/11/28/actualidad/1322495642_665097.html

No comments:

Post a Comment