Thursday 19 April 2012

شاهدتُ حروباً كثيرةً، ولكنني لم أشاهد قط مثل همجية نظام الأسـد


جاك بيريس: أحد مؤسسي أطباء بلا حدود:
" شاهدت حروباً كثيرةً، ولكنني لم أشاهد قط  مثل همجية  نظام الأسـد"

الطبيب الفرنسي عالج جرحى مدنيين في عيادة سرية في محافظة حمص

مايتي كاراسكو – صحيفة الباييس الاسبانية - 2 - 3 –2012                                      
قبل أيام، في القُصَير(البلدة التابعة لمحافظة حمص، سوريا)، كان الجراح الفرنسي جاك بيريس (71 عاماً) ينظر إلى صورة شعاعية بعكس الضوء، ويظهر فيها بشكل واضح رصاصة استقرت في جمجمة رجل يبلغ الخمسين من العمر أصيب على يدي واحد من قناصي بشار الأسـد، وتم إدخاله إلى المستشفى السري للبلدة. "حالته تبدو سيئة" يقول الطبيب الفرنسي، هازَّاً رأسه بحركة توحي بالعجز. كان بيريس حاضراً في كل الحروب تقريباً خلال الأربعين عاماً الأخيرة وهو عضو مؤسس في "أطباء بلا حدود" و "أطباء من العالم". " عندما شاهدتُ ما يحدث في سوريا لم أتردد في الذهاب، لكن الوصول إلى هنا كلفني كثيراً.... إلا أن الأمر يستحق العناء، فالوضع أسوأ من بغداد".
انتهى بيريس من خياطة جرح مريض آخر، جندي من الجيش الحر تعرض لإطلاق النار على ظهره، ويجلس للاستراحة في الصالة الخلفية لهذا المركز الطبي الذي حاول الجيش الحكومي قصفه في أكثر من مناسبة، لكن بدون نجاح. هنا يعيش الدكتور والممرضون الذين يرحبون به ويؤونه، ممتنين لكونهم يحظون بتجربة "الدكتور ياك" كما يخاطبونه في البلدة. " كنتُ في لبنان، والشيشان، والسودان، والعراق،... في كل الأماكن. شاهدتُ حروباً كثيرة، لكنني لم أشاهد قطُّ مثل همجية نظام الأسـد. يدخلون إلى المستشفيات المركزية ويعدمون الجرحى. إنه أمر فظيع".
يتفحص الدكتور محاوريه بكثير من الانتباه ويفتح عينيه بشكل خفيف عندما يُسمَع دوي قذيفة هاون، مستعداً للنهوض والخروج راكضاً لمعالجة المريض القادم. "أنا أخاف، مثل الجميع، فالخوف أمر منطقي. لا يمكنني أن أقارن حِمص مع أية منطقة حرب أخرى كنت فيها. ربما غروزني (عاصمة الشيشان). فكما كان الأمر هنالك، لا توجد هنا حماية للسكان المدنيين. أضف إلى ذلك أن الضراوة في الهجوم والقمع متشابهان".
اقترب الموت من بيريس في عدة مناسبات."في إحدى المرات في فيتنام اعتقدت أنني مت. فقد ألقى الفايتكونغ القبض عليّ وساقوني إلى الإعدام. كان الجدار ممتلئاً بيقايا الأدمغة. أغلقتُ عينيّ، وأطلقوا النار. عندما فتحتُ عينيّ، رأيتُ بعض الأطفال يضحكون عليَّ وفكرت: يا لغرابة الموت. لم يقتلوني". يتذكر. "مكافأتك، كطبيب، هي عندما يأتي أحد الأطفال الذين أنقذت حياتهم، فيما بعد، ويجرك من سروالك طالباً قطعة من الحلوى" يؤكد مبتسماً. تُسمع صرخات في الخارج، تتغير ملامح بيريس وينهض قلقاً، بصعوبة لكن بتصميم "أنا ذاهب. لا بد أن هناك مصابين" ويودعنا. "الطب شيء رائع. رأيت آلاف الجرحى، ومثل كل البشر، ليس هناك جريحان متماثلان".
قبل بضعة أيام، رجع الطبيب المُحَنَّك إلى باريس لكنه سيعود إلى سـوريا قريباً، كما قال بنفسه لهذه الصحيفة. حظاً طيباً، دكتور ياك.





http://internacional.elpais.com/internacional/2012/03/02/actualidad/1330713700_340189.html

No comments:

Post a Comment