Saturday 23 March 2013

ذكرى تشافيز في سـوريا، كيف ستكون




ذكرى تشافيز في سـوريا، كيف ستكون

ليلى نشواتي- صحيفة الدياريو الإسبانية


في صيف 2006، سافر هوغو تشافيز إلى دمشق، في زيارة تاريخية استقبله فيها عشرات الآلاف من السوريين ملوحين بالأعلام السورية والفنزويلية عند مروره. اجتمع رئيس فنزويلا مع بشار الأسد، مشيراً إليه بـ "الشقيق الأصغر"، رفيق النضال "ضد العدوان الإمبريالي الأمريكي". مع غزو العراق طرياً في الذاكرة ورفض الدعم الأمريكي والغربي للاحتلال الإسرائيلي، كان تشافيز يُعتبر حينذاك صديقاً للشعوب العربية. بعد سبعة أعوام، سيُذكَر تشافيز في سـوريا باعتباره حليفاً غير مشروط لديكتاتوية بشار الأسـد الذي أدار ظهره للمطالبات الشعبية للمواطنين.
في زيارتي الأخيرة إلى سـوريا، في 2010، كان العثور على صور الرئيس الفنزويلي ما زال ممكناً في المحال التجارية، المطاعم وصالونات الحلاقة. يجمع سوريا وفنزويلا تقليد طويل من الروابط التي تعود إلى أكثر من قرن والتي تعززت مع وصول تشافيز إلى السلطة. الهجرة من سوريا، لبنان وفلسطين إلى أمريكا اللاتينية بدأت في أواخر القرن التاسع عشر، حيث شقت هذه الجاليات طرقاً تجارية  بديلة عن الموجودة فعلاَ واندمجت في كل نطاقات البنية الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية والثقافية للمجتمعات الأمريكية اللاتينية.
البعض منهم عادوا خلال السنوات الأخيرة إلى سوريا، ليستقروا بشكل رئيسي في حلب، طرطوس وجرمانا (في ضواحي دمشق) بالإضافة إلى السويداء. تبرز هذه المدينة الأخيرة، ذات الغالبية الدرزية، بسبب الخليط الذي يمكن تلمسه عند التطواف في شوارعها بين اللهجة السورية والفنزويلية، ووجود كلا اللغتين في اللافتات والإعلانات والمطاعم والكافتيريات حيث يندمج كلا المطبخين وحيث يمكن الاستماع إلى موسيقا السالسا الكاريبية وموسيقى أم كلثوم على حد سواء.
هذه الرابطة الممتدة لأكثر من قرن تعززت في أواخر التسعينيات مع سلسلة من الاتفاقات الثنائية عندما وصل هوغو تشافيز إلى السلطة. في ذلك الحين كان يحكم سوريا حافظ الأسـد، والد الديكتاتور الحالي، الذي وجد في تشافيز انعكاساً أمريكياً لاتينياً لخطابه عن معارضة الولايات المتحدة، وإدانة الاحتلال الاسرائيلي، وفكرته عن بديل للخطط الجيواستراتيجية لامبراطورية الولايات المتحدة وإسرائيل والحلفاء. هذا السبيل الذي من خلاله كان كلا الزعيمين يموضعان نفسيهما كآفتين للامبراطورية، واحدة في أمريكا اللاتينية والأخرى في الشرق الأوسط، كان العامل الرئيسي للوحدة والمشاركة بين الحكومتين.
شرحت ذلك أفضل من أي شخص آخر السفيرة الفنزويلية السابقة في سوريا، ضياء نادر العنداري:
"سـوريا بالنسبة إلى العالم العربي هي ما تمثله فنزويلا بالنسبة إلى أمريكا اللاتينية. علاقتنا مع سـوريا هي ذات طابع استراتيجي. فيما وراء التعاون والصداقة، يتقاسم بلدانا قيماً مشتركة ويواجهان الأعداء ذاتهم وخاصة فيما يتعلق بالإدارة الحالية في الولايات المتحدة وسياساتها التي يرفض كلانا الخضوع لها".
بالرغم من هذا الهدف المشترك، فإن الاختلافات في صنيع الحكومتين، كل منهما في بلدها، لا يمكن أن تكون أكبر. فوصول حزب البعث إلى السلطة في الستينيات، تحت مظلة الاشتراكية والوحدة العربية، جاء مصحوباً بخطاب مماثل لذلك الذي يميز سياسات تشافيز.
لكن، منذ عام 2000، وبالتزامن مع موت حافظ الأسـد ووصول ابنه إلى السلطة، بدأت الحكومة السورية عملية إصلاح من أجل تحرير الاقتصاد قوَّضت في أعوام قليلة النظام الصحي والتعليمي العام، مع خصخصة الجامعات والمدارس وفرض أسعار باهظة تركت خارج النظام القسمَ الأكبر من السكان. هذه العملية "الإصلاحية"، التي كانت تحظى بدعم الاتحاد الأوروبي، زادت الفجوة بين الأغنياء والفقراء بشكل دراماتيكي. إنه في هذه الفجوة، مصحوبةً بالسيطرة على الاتصالات والقمع الوحشي لأي شكل من أشكال التعبير المستقل خلال عقود، حيث توجد بذرة الحراك الشعبي في عام 2011 و الشرخ بين أولئك الذين استفادوا من الوضع القائم وأولئك الذين كانوا يطالبون بالتغيير.
تحت مظلة الخطاب عن جبهة مشتركة ضد الامبريالية، واصلت فنزويلا دعمها للقذافي كما للأسـد عندما اندلع الحراك الشعبي في المنطقة في 2011، نازعةً الشرعية عن الانتفاضات في سـوريا وليبيا وواصفة لهما بصنيعتين للمصالح الغربية التي نظَّمت محاولات الإطاحة بحكام المنطقة. إنه خطاب يتزاوج بشكل كامل مع نظرية المؤامرة التي طالما تشبث بها الرئيس الليبي كما السوري خلال أعوام، منكرين وجود تساؤلات داخلية عن سياستيهما.
بعد عامين على بداية الثورة في سوريا، تجاوز عدد القتلى سبعين ألفا. النازحون واللاجئون يُقدرون بمئات الآلاف، بينما تتواصل عمليات القصف على مدن بكاملها، بكنوزها التراثية الإنسانية. أسواق، متاحف، مساجد، كنس، كنائس، وقلاع في أقدم المدن المأهولة في العالم تشكل جزأ من الركام الذي حول إليه البلدَ هذا النظامُ السوري العاجز عن إنتاج رد غير عنيف على مطالبات السكان. في هذا المشهد، يبدو شاذاً وغير قابل للفهم الدعمُ الذي قدمه  تشافيز للأسد حتى النهاية، مديراً ظهره لمطالبات التغيير من قبل الشعب.
بين السوريين، سَيُذكَر هوغو تشافيز بأنه القائد الذي كان يعيد توزيع الثروة بين الفنزويليين في حين كان يدعم النيو ليبرالية في سـوريا، بأنه الرئيس المنتخب من الغالبية في بلده فيما كان ينكر على السوريين حق اختيار ممثليهم الخاصين، بأنه الطليعة في جبهة جيواستراتيجية منشغلة بالتهديدات الخارجية الذي لم يأخذ في الاعتبار القمع الداخلي الذي عانته شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال عقود.






http://www.eldiario.es/zonacritica/Chavez-Asad-Venezuela-Siria_6_108199193.html

No comments:

Post a Comment