Tuesday 30 April 2013

سـوريا والخط الأحمر




مقالة افتتاحية في صحيفة الباييس الإسبانية بتاريخ 29-04-2013


سـوريا والخط الأحمر

مضى عام منذ أن حذّر باراك أوباما النظام السوري بصورة رسمية -كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، من غير تبجح- بأن استخدام الأسلحة الكيميائية ضد شعبه سيكون تجاوزاً لخط أحمر لن تتسامح معه واشنطن. في الشهر الماضي، كرر الرئيس الأمريكي تحذيره لبشار الأسـد ومن معه. الدليل على أن هذه الأسلحة ذات السُميَّة المرعبة -غاز السارين- قد استُخدِمَت مؤخراً يبدو قائماً على أساس راسخ، استناداً إلى الآراء المتطابقة للفرنسيين والبريطانيين والإسرائيليين والاستخبارات الأمريكية نفسها.

إن عدول أوباما عن التدخل في سوريا واضح، بالرغم من الفظائع التي ارتكبها الأسـد، وعشرات الآلاف من ضحاياه، والبؤس الكبير الناتج عن حرب أهلية بدأت احتجاجاً ضد طاغية بالوراثة مستعد لفعل أي شيء. مواجهاً الأدلة المتزايدة على استخدام السارين، يطالب الرئيس الأمريكي الآن بتحقيق للأمم المتحدة، إلا أن عرقلة مجلس الأمن من الجانب الروسي، وموقف دمشق، والوضع على الأرض، يجعل ذلك أمراً غير ممكن عملياً. الناطقون باسم البيت الأبيض بدأوا بتلوين خطابهم عن "الخط الأحمر الذي لا يمكن اجتيازه" بالإشارة إلى "الاستخدام الممنهج" لتلك الأسلحة.

مهما بدا معقولاً، فإن عزوف أوباما عن تحمل المخاطر، حتى في ظروف شديدة الخطورة كتلك الموجودة في سـوريا، يتلاءم بشكل سيء مع وضعه كرُبَّان للقوة العظمى الوحيدة؛ وكذلك مع الأفضلية في مجال السموّ الأخلاقي الذي تظهره الخطابات الأكثر أهمية للرئيس. العجز الأميركي يفاقم ويرسِّخ ويضاعف أخطار النزاع السوري، ومن بينها، السقوط اللاحق لقسم من ترسانة دمشق الكيميائية في أيد جهادية. وينقل، علاوة على ذلك، إلى الأسـد وطغمته الرسالة المدمرة بأن تهديدات رئيس الولايات المتحدة الأمريكية -واستطراداً القوى الديموقراطية التي تزعم كونها حارسة لمنظومة القيم المتحضرة- هي كلمات فارغة. رسالة سوف تُقرأ في نزاعات أخرى حاسمة بالنسبة للبيت الأبيض، كإيران.

منذ وقت طويل وجرائم حرب الأسـد تستدعي، كواجب أخلاقي في الحد الأدنى، رداً دولياً حاسماً. إن استخدام الإرهاب الكيميائي مِنْ قِبَلِ مَنْ كان قد أطلق مِنْ قبلُ الصواريخ والطائرات على شعبه يمثِّل الآن تحدياً ينبغي على واشنطن أن تُظهر بمواجهته استعدادها للتدخل بشكل لا لبس فيه. 






http://elpais.com/elpais/2013/04/28/opinion/1367174681_981489.html

No comments:

Post a Comment