Monday 16 September 2013

"لا هم إرهابيون، ولا النزاع السوري هو حرب أهلية"




"لا هم إرهابيون، ولا النزاع السوري هو حرب أهلية"

خوان لويس فيزنانديث لوبيث- صحيفة الدياريو الإسبانية


أسامة أبا زيد، سوري يبلغ واحداً وثلاثين عاماً، كان يتجه يوم الجمعة الماضي إلى الفندق الذي يقيم فيه خلال زيارته لمدريد. انقطع طريقه عند مروره بساحة سول، حيث كانت الأعلام السورية ترفرف وسط صيحات ضد التدخل "الإمبريالي" للولايات المتحدة. "لم أستطع إخفاء دهشتي عندما رأيت تلك الأعلام الرسمية لنظام الأسـد". يتذكر. نيته في عرض علم الثورة أثار مشاعر بعض الحاضرين، الذين بدأوا بالضرب والشتم. الحادث أسفر عن جروح مختلفة للشاب السوري، لكنه يؤكد أن ذلك ليس أكثر ما يؤلمه.

قصة أبا زيد، المتحدِّر من درعا، تعكس صورة حقيقية للرعب الذي عاشه شعبه خلال عقود. تاريخ تأمله الشاب من الخارج، حيث رحل قبل عشر سنوات بحثاً عن الحلم الذي حالت بلده دونه. عيناه تومضان عندما يتذكر كيف أخذ يعرف بموت أصدقائه وأقربائه: "علمت بوفاة ابنة عمي، خمسة وأربعون عاماً، وبوفاة عمي عندما رأيت فيديو على الفيسبوك. مدينتي كانت واقعة حينها تحت الحصار، وهكذا لم تكن هنالك أية طريقة للتواصل معهم. خلال أربعة أسابيع عشتُ حالة الشك لعدم معرفتي ما إذا كانت والدتي وأشقائي ما زالوا على قيد الحياة".

يتذكر كيف أن الاحتجاجات في مصر بدأت تلهب مشاعر الأكثر يفاعة: "في أحد الأيام، رددت مجموعة من الأطفال تتراوح أعمارهم بين الثانية عشرة والرابعة عشرة صدى سقوط حسني مبارك ورسموا لوحة جدارية كان يمكن أن يُقرأ فيها "جاء دورك يا دكتور" في إشارة إلى الأسـد. رد فعل النظام كان اعتقال الأطفال، بعضهم من عائلة أبا زيد. يصف أسامة بصوت مرتجف كيف "عانوا من تعذيب رهيب في السجن خلال أسبوعين. اقتُلعت أظافرهم". يحمل مسؤولية ذلك لعاطف نجيب، رئيس جهاز الأمن في درعا وابن خالة الأسـد.

درعا مسرحاً للثورة

مدينة درعا هي المسرح الذي يرصد فيه أبا زيد البوادر الأولى للثورة. المظاهرة الأولى حدثت في الثامن عشر من آذار| مارس 2011. "المطلب الأقصى كان القضاء على الفساد، لم تكن ضد النظام أو الأسـد نفسه. لكنَّ الجيش رد بالرصاص وقتل شابين". سلسلة من الهجمات والجنازات تبعت هذا الفصل.

في الثلاثين من آذار| مارس، توجه الرئيس إلى الشعب عبر البرلمان بهدف طمأنته. بالنسبة لأبا زيد، تمخض الخطاب عن "نكتة خلت من الاعتراف بالضحايا وتعامل الأسد مع شعبه كإرهابيين. هذا ما جعل بؤرة الاحتجاج تنتقل باتجاه الأسـد نفسه".

كلمات الرئيس السوري تبعتها طلقات رصاص الجنود. "بعد ذلك بيومين فقط، أرسل الأسـد الجيش إلى مدينتي. ولمدة أربعة أسابيع لم يستطع السكان المدنيون الوصول إلى الماء أو الطعام"، يواصل كلامه متأثراً. بمواجهة هذه الحالة الطارئة كان سكان القرى المجاورة هم من هب لنجدتهم بالرغم من تحذيرات الجيش: "في أيديهم كانوا يحملون الطعام فقط لكن القوات المسلحة قتلت حوالي 1500 شخص".

يؤكد أبا زيد أن العنف لن يخنق روح الثوار. "هل سنتوقف؟ كلا. بهذا المعنى، نحن لا نريد انتقاماً، وإنما استعادة الكرامة. نريد العودة إلى ماض كريم، كان يتعايش فيه السُنة والعلويون والكاثوليك بسلام. تلك هي الثروة الكبيرة لبلادي". لا يخفي كذلك رفضه للأسـد عندما يعتبرهم إرهابيين: "الناس الذين يقاتلون هم مهندسون، أطباء، أناس ذوو تعليم عال. بعد القتال، الغالبية سيعودون إلى أعمالهم. إنها قضية دفاع عن النفس. لأن أحدأ لن يقوم بذلك نيابة عنهم".

يرفض الشاب السوري أيضا عبارة "الحرب الأهلية" كطريقة لتوصيف النزاع. "هنا لا يوجد طرفان. ليس هناك مواجهة أيديولوجية أو دينية. الأمر يتعلق ببساطة بعنف يمارسه ديكتاتور ضد شعبه". من هم إذاً الموالون للأسد؟. أسامة يقسمهم إلى مجموعتين: "الذين يريدون الحفاظ على مصالحهم والخائفون".

التجمع في ساحة سول

"السياسة لا تقوم على الإحسان، وإنما على المصالح". بهذه الطريقة يفسِّر أبازيد قلة اهتمام المجتمع الدولي. "لماذا يغضب العالم عندما يموت ألفا شخص باستعمال الأسلحة الكيميائية؟ أين كانوا عندما كان يتم قتل 150000 آخرين بنوع آخر من السلاح؟"، تساءل أسامة عندما شاهد مائتي متظاهر تجمعوا في الساحة المدريدية للاحتجاج ضد "الحرب الإمبريالية".

"هل أنا مؤيد لتدخل الولايات المتحدة؟ علي أن أعرف قبل ذلك الهدف الذي يسعون إليه". بالنسبة لأبا زيد، فإن الإدراة الأمريكية "تريد أن تري العالم أن هناك خطوطاً حمراء يجب عدم تجاوزها"، وكذلك حماية مصالحها ومصالح حلفائها. في هذا السياق، يجد الدفاع عن حقوق الإنسان مكانه فقط في البلاغة اللفظية. "الدعم الأمريكي للثوار هو مجرد دعم إعلامي".

تلك القناعات كانت ما حمله على التوقف في ساحة سول. هنالك كانت ترافقه شابة إسبانية، كانت ترفع لافتة بالعربية تحمل رسالة :"لا لحرب الإبادة الأسدية ضد الشعب". بعض السوريين الذين تجمهروا حول تمثال كارلوس الثالث بدأوا بالامتعاض من وجود اللافتة.

قرر أسامة الانضمام إلى الشابة في مطالبتها، عارضاً عَلَمَ المعارضة السورية، الذي يستعيض عن المستطيل الأحمر في العلم السوري بآخر أخضر. مجموعة من ثمانية رجال، إسبان وسوريين، انقضوا عليه. كان على الشرطة أن تتدخل للحيلولة دون تفاقم الأمور. بالرغم من جروحه، يبدو أبا زيد فخوراً بالحفاظ على عَلَمه: "إنه العَلَمُ الذي سبق وصول آل الأسـد إلى السلطة، رمز سـوريا المستقلة".













http://www.eldiario.es/internacional/Occidente-Guerra-Siria-guerra_0_171833352.html

No comments:

Post a Comment