Sunday 15 December 2013

الله أكبـر




الله أكبـر

بيكتور غونثالث


في شمال كلِّس (تركيا)، باتباع الطريق الوحيد الذي يصل المدينة ببقية البلاد، كان يقام مخيم لاجئين جديد من قبل الحكومة التركية. الخيام مشابهة لتلك التي في مستشفى ميداني، مع رمز الهلال الأحمر، المعادل للصليب الأحمر، منتظمة كلها في أقسام مختلفة. من الطريق كان المخيم يُلمَحُ منتهياً، حتى إنه قيد التشغيل، لكن النزلاء الوحيدين في الوقت الراهن هم عمال يضعون اللمسات الأخيرة. حسب الأخبار التي وصلتنا يبدو أن المستوطنة الجديدة بدأت تعج بالناس، استقبلت مئات اللاجئين السوريين الذين كانوا يعيشون بشكل سيء في الحديقة التي زرناها قبل مدة قصيرة في ضواحي كلِّس. في الأيام القادمة سنذهب لنلتقي بهم من جديد، الآن وقد أصبحوا تحت سقف ثابت.

فجأة وبسرور كبير تلقينا الخبر، كما تلقوه هم حسبما نفترض. إنه ما كانوا يطلبونه، الشيء الوحيد، أن يمكنهم العيش شاعرين بأنهم أفراد من البشر وليسوا حيوانات متوحشة. سقف يحميهم من رداءة الطقس، جدران وأرض لتجنب البرد الذي يلوح في الأفق،  وطعام من أجل البقاء لا أكثر. وجوههم المندهشة والمنفرجة كانت يجب أن تكون غير مصدقة لدى رؤية الحافلات التي حملتهم إلى بيوتهم الجديدة، ذلك أنهم قضوا الصيف كله يتساءلون عن موعد وكيفية انتقالهم إلى مخيم "شرعي"، تحت سيطرة وإشراف هيئات رسمية ومنظمات غير حكومية. المعلومات المضللة كانت تقتلهم أكثر تقريباً مما يفعل بؤس حالهم، كانوا يشعرون بأنهم مشردون، بل أكثر إذا أمكن، ومنسيون. كما أشرنا إلى ذلك في أيام سابقة لم يكن قد زارهم أحد ولم يكن هناك من يتوجهون إليه للحصول على أجوبة أو للتعبير عن شكاواهم. كانوا قد وطنوا أنفسهم على البقاء لزمن طويل والعيش بين الأشجار والموارد العمومية، كما تظهر ذلك بعض الأرضيات التي صنعوها من البلاط لتبعد عنهم البرد. كانوا يعلمون أنه بالرغم من أنهم لم يكونوا يريدون ذلك النوع من الحياة فإن القضايا الإنسانية ليست دائماً دافعاً للتحرك الفوري، وخاصةً عندما أعطت الحكومة التركية إشارات على أنها ستنقص المساعدة للاجئين شيئاً فشيئاً، ذلك أنها كما تقول أصبحت مثقلة بما يفوق قدرتها.

اليوم، لا أحد منهم، لا أحمد ولا مأمون ولا جمال ولا محمد ولا حتى عائلاتهم على الأرجح، كان على علم بأنهم سينقلونهم. يُظهِر ذلك حالة حديقة أحمد ايدغلو، فيما وراء مدفن النفايات الذي تحولت اليه، حيث نستطيع العثور على الأحذية، قطع من الثياب، كرات، أو أكياس من الفليفلة وأكواب على الأرض، صورة تُظهر كل شيء مضطرباُ بسبب العجلة. كل ما عدا ذلك، بما فيها الأغطية بطبيعة الحال، اختفى. صفوف الخيام البلاستيكية المتتالية، الأطفال المتراكضون طيلة اليوم، النقاشات النموذجية للجيران أو الوجوه الحزينة للبعض مختلطةً مع لطف وابتسامات البعض الآخر. لقد انتقلوا، لحسن الحظ، إلى مكان أفضل. في الوقت الحالي بقيت أطلال ما كان منزلاً اضطرارياً لعائلات بكاملها أُجبِرت على الخروج من بلادها. ما بقي، إضافة إلى القمامة، هم عمال ينظفون المنطقة، أطفال يعيدون البحث في القمامة، رجال شرطه يراقبون المداخل، وقطط، عشرات من القطط.

بالرغم من أنها خيمة في منتصف اللا مكان، في بلد ليس لك، بدون وسائل الراحة في منزلك، بدون عائلتك كاملة، في غياب الأصدقاء، مع الذكرى الرهيبة لكونك عشت ثلاثة أعوام دامية من الحرب، ورحلة حزينة إلى المنفى، وأن يكون عليك أن تعيش في الورق المقوى (الكرتون) علاوة على ذلك، فإن الكثيرين منهم اليوم سيكون لديهم سبب للصمود أطول وقت ممكن. اليوم، لمجرد أن أحداً ما قد فكر فيهم وقدم لهم المساعدة سيقولون الله أكبر وسيكونون، بالرغم من عدم حصولهم على كل ما تم وصفه آنفاً، أكثر سعادة بقليل.













http://sinretorno2013.wordpress.com/2013/10/07/allahu-akbar/

No comments:

Post a Comment