Tuesday 17 December 2013

الرامي، مدينة الأشباح




الرامي، مدينة الأشباح

بيكتور غونثالث


عدنا اليوم إلى مستوطنة اللاجئين في حديقة أحمد ايدغلو. هنالك استقبلَنا أحمد، ثمانية عشر عاماً، وأسرته، جميعهم من إدلب، غرب حلب. في خيمته ينام ستة، هو، أشقاؤه الثلاثة، والوالدان. باستقبال مهذب بقدر ما هو صادق قاموا بدعوتنا للدخول وقدموا لنا القليل الذي لديهم. في الداخل، مع جمال ومأمون، اثنان وعشرون عاماً وعشرون عاماً على التوالي، تحادثنا، سواء معهم أو مع أقربائهم، حول أوضاعهم الشخصية وتجربة مغادرتهم لمدينتهم.
مع أحمد وجمال كمترجمين من العربية إلى الانكليزية قدموا لنا محمد الحمود، ثلاثون عاماً، الآتي من مدينة الرامي، جنوب غرب إدلب. من خلال المعابر الحدودية الخطرة التي لا يسيطر عليها الجيش التركي، وصل قبل عام إلى كلِّس (تركيا). قصة بلدته الصغيرة مرعبة حقاً. بدون تردد، يروي لنا عن الأيام التي أصبحت فيها الثورة قوية، وعن اللحظة التي ضربت جذورها بعمق، والأمل الذي أثارته. الآن، في العام الثالث من الحرب، لم يبق أحد في الرامي.
يعيش محمد الآن مع أسرته وعشرات من الجيران الذين هربوا من شوارع تحولت إلى ميادين إعدامات بالرصاص روتينية. في الرامي مفرزة لجيش الأسـد تستند إلى قاعدة مناطقية، وعند بداية الحرب، صارت مصدر عذاب من قمع بلا نهاية. قُتل السكان بشكل عشوائي، "بدون أي سبب على الإطلاق"، يعلق بلا تردد. كانت الدبابات تدخل في كل وقت إلى المدينة والقنابل تتساقط بشكل متواصل. لم يكن بوسع السكان أمام هذه الوحشية إلا الهروب. عمل هو مع الجيش السوري الحر ناقلاً الأسلحة والوقود، مراعاةً للظواهر تقريباً أكثر مما هو إيمان أعمى بهم، حسبما تدل عليه كلماته. في رحلة إلى دمشق لزيارة شقيقه السجين تم اعتقاله بدون سبب ظاهر، إلا أنه استطاع الخروج حياً من السجن بعد فترة قليلة. الآن هو، كما بقية السكان الباقين على قيد الحياة، يعيش في واحدة من خيام البلاستيك والكرتون، من دون شيء يفعله ومن غير مكان، أفضل أو أسوأ، يذهب إليه.

فيما يدخل أحمد مرة أخرى إلى الخيمة مظهراً الأرغفة الأربعة من الخبز التي "أعطونا إياها للمرة الأولى"، مؤكداً بتهكم، نسأل محمد عن رأيه حول ما حصل و، بالرغم من عدم جدوى ذلك في الوقت الحاضر، أن يقول لنا فيما إذا كان سيغير بعضاً من الأمور التي قام بها. جوابه لا ينم عن  شيء، ما يهمه حقيقة، فيما وراء الماضي أو المستقبل، هو "العودة إلى الحالة الطبيعية، إلى العمل، إلى الحياة في قريتي". لا يريد المزيد من القصص عن القناصة المخبولين أو عمليات القصف على الأسواق، يريد أن يكون مطمئناً. تأكيد يوافق عليه بهز رؤوسهم كلُ الحاضرين. وبينما يروي الجميع حكايات مأساوية، مذابح، ونكات مروعة، مع كأس من البيبسي وكيس من البطاطا، فإنهم يكررون أن "الشيء الوحيد الذي نريده هو الحياة الطبيعية". إن شاء الله.









http://sinretorno2013.wordpress.com/2013/10/04/al-rami-ciudad-fantasma/

No comments:

Post a Comment