Sunday 18 March 2018

بدون كلمـات




بدون كلمـات

نعومي راميريث دياث - موقع بوبليكو الإسباني
23-02-2018


اثنان وخمسون: عدد الشهور التي مضت على منطقة الغوطة الشرقية في محافظة ريف دمشق وهي محاصرة.
سبعة وأربعون: مدة حصار سراييفو بين عامي 1992 و1996 مقدرة بالشهور.
ثلاثماثة وخمسون ألفاً: هم المدنيون الذين يقدر أنهم ما زالوا يعيشون، أو تمكنوا من النجاة، في ذلك الجيب المحاصر في ضواحي دمشق.
عامان: الزمن الذي مضى منذ أن أًغْلِقت الأنفاق تحت الأرضية التي سمحت بالحد الأدنى من الإمدادات التموينية للسكان المدنيين المحاصرين، بعد أن استعاد النظام ضاحيتي برزة والقابون.
ألف وثلاثة وستون: هم المرضى المنتظرون للإخلاء لكي يمكن معالجتهم.
مائة: الأطباء الصامدون داخل الجيب المحاصر. نسبة الكادر الطبي والعدد الكلي للسكان المدنيين يمكن استنتاجها بحساب ذهني سريع.
الموت: الشيء الوحيد الموجود بوفرة تحت الحصار، كما وصفت ذلك سميرة الخليل عام 2013.
أيام: هو الزمن الذي مضى على الذكرى السابعة للمظاهرة الأولى في دمشق، التي وبخت فيها مجموعة من السوريين، على نحو عفوي، شرطياً كان قد أهان تاجراً من السوق المحلي، على وقع صيحة "الشعب السوري ما بينذل".
شهر: أكثر بقليل مما تبقى لحلول الذكرى السنوية السابعة للبداية الرسمية للثورة السورية بعد اعتقال وتعذيب عدد من الفتية في درعا، جنوب البلاد، بسبب شعاراتهم المناهضة للنظام، الأمر الذي أثار موجة من التضامن لا سابقة لها في البلد، لكنها مرت مرور الكرام في بقية العالم، الذي احتفظ بالصمت.
خمسة عشر: الحد الأقصى من الكيلومترات التي تفصل بين الفنادق التي تؤوي ممثلي المنظمات غير الحكومية والوكالات الدولية، الذين تحلق فوق رؤوسهم الطائرات التي تقلع من القواعد الحكومية، وبين منطقة الغوطة المحاصرة.
واحد: هو المسؤول الرئيس عن الوضع في الغوطة، الذي يقترب على نحو خطير من سيناريو سيربريتنشا، وبقية البلد. اسمه هو بشار الأسـد وصورته ترافق كل خطوة يخطوها السائر في أية مدينة من مدن البلد التي يسيطر عليها.
صفر: هو عدد الكلمات التي وجدتها منظمة اليوينسيف من أجل إدانة المذنب وحلفائه وأعدائه المزعومين، الذين فعلوا القليل من أجل تغيير الوضع.
اختيارنا أن ننهي بذلك الصفر، تلك المجموعة الفارغة -من الدوالَ، لأن معانيها لا متناهية-، ليس وسيلة درامية ولا أدبية، بل هو مفتاح الدخول إلى ما هو مجرد من الإنسانية في هذا الوضع. نحن معتادون على الفظاعة، على أن نوجز بـ "ليس لدي كلمات" حالاتٍ يجب أن لا تتكرر أبداً، ورغم ذلك، نجد أنفسنا أمام سيناريو يتكرر، في الحقيقة، منذ عام 2012 في هذا البلد، مع الهجمات على الجيوب التي خرجت عن سيطرة دمشق في انتفاضتها ضد نظام قمعي لم يتوقف عن القتل ولو ليوم واحد.
قبل عام من الآن، فيما كانت حلب تُخلَى قسرياً، تذكّر مجموعة من أساتذة الجامعات والمثقفين معركة مدريد عام 1936، في محاولة لمناداة ضمير قطاع من اليسار، الستاليني، تحديداً، الذي اصطف إلى جانب القامع (الأمر الذي لا يعني أن الطيف الذي يشيد بالأسـد يقتصرعليهم، ذلك أنه يشمل، للأسف، كل الطيف الايديولوجي)؛ بيد أن بابا عمرو في حِمص كان هو الحي الذي حاز الشرف المشكوك فيه بتدشين هذا الاتجاه نحو الحصار والدمار، من أجل سيطرة النظام اللاحقة عليه، من دون أن ننسى أن درعا حوصرت مع بداية المظاهرات في آذار|مارس 2011.
مع سوابق تاريخية مشابهة، يبدو لافتاً في أقل تقدير، أنه أمام الانتهاك الصارخ لاتفاقات وقف الأعمال العدائية في المنطقة من قبل الطيران الروسي والسوري، والدرجة القصوى من الأزمة الإنسانية (الأمهات لم يعد لديهن حليب لتغذية أطفالهن، الأطفال يموتون من سوء التغذية، تتفشى أمراض كان يمكن أن تعالج بسهولة في ظروف عادية، خدمات الطوارىء تواجه صعوبة في عملها جراء نقص وغلاء الوقود الذي يسمح لها بالتنقل، وأخيراً، لجعل القائمة ناجزة، سيناريو يقترب على نحو خطير من الهجوم النهائي القاتل)، أن تدلي المنظمات الدولية بتصريحات "متوازنة،على مسافة واحدة" و"حيادية" مزعومة تمنعها من إدانة أولئك المسؤولين عن هذه المذبحة.
أن تنفد الكلمات من اليونيسيف فهذا ليس شيئاً جديداً. ألَا يكون لدى هيئات دولية أي شيء لتقوله، خلا الاستثناءات المحمودة دائماً المتمثلة في العفو الدولية أو أطباء بلا حدود، فهو شيء غير مدهش البتة. فسكان الغوطة ومناطق أخرى في سـوريا هم أكثر من معتادين على الصمت فيما يتعلق بالإدانات الدولية، الخرساء دائماً. يدينون القنبلة التي تسقط، لكن ليس من يقذفها؛ يدينون الجوع، لكن ليس من يمنع دخول الأغذية؛ يدينون إطلاق صاروخ يائس من داخل المناطق المحاصرة، ويُحَدَّد مطلقوه بسرعة، لكن يلوذون بالصمت أمام طائرات معروفة تماماً، ومسارات قابلة للتحديد بسهولة، وسلاح من الصعب، في أدنى تقدير، الحصول عليه تحت الحصار. يلجأون إلى وجود بعض المجموعات المشكوك فيها، وإرهابيين في بعض الحالات، لتسويغ هجمات يخسر فيها المدنيون دائماً: عمليات القصف عشوائية، وليست هجمات جراحية دقيقة.
بالمناسبة، لم يُسجل في الغوطه أي حضور لداعش (الحصار بدأ قبل ظهورها)، ووجود أفراد من هيئة تحرير الشام، المظلة التي تشمل القاعدة، هي الحجة المبتذلة لتسويغ قصف المستشفيات وخزانات المياه أو المناطق السكنية. إنها سياسة ممنهجة للدمار الشامل.
حلب 2016. غيرنيكا 1937. الغوطة 2018. سيربرينتشا 1995. هل ثمة حاجة إلى المزيد من المعطيات من أجل إصدار إدانة حازمة؟





http://blogs.publico.es/voces-del-mediterraneo/2018/02/23/sin-palabras/

No comments:

Post a Comment