Tuesday 20 March 2018

طفـل الحقيبة



طفـل الحقيبة

ماريانو غاسباريت – موقع الاسبانيول

صورة الأسبوع
إحدى الصور القادمة من سـوريا، التي كانت الأكثر استنساخاً وجذباً للتعليق في الأيام الأخيرة، هي صورة هذا الطفل الصغير النائم داخل حقيبة. يتعلق الأمر بواحدة من آلاف اللقطات التي تصل من حرب بعيدة ومزعجة جرّاء إصرارها على المآسي الفظيعة في وقت تناول الحلوى وإفرازاتها من اللاجئين المعوزين مخاطبةً الضمائر الصماء في أوروبا.
هذه الصورة، هذا التفصيل المدهش المُلتقَط في الرتابة الأمازونية للجحيم السوري، تبدو صادمة لأسباب تتعلق بالمناسبة والتناقض.  
من جانب أول، إنها التقطت خلال أسبوع كان فيه كل أطفال العالم، وأبناؤنا، والصغار المنهمكون في لعبهم في طريقهم إلى المدرسة، وأبناء الجيران، كانوا في جو من القلق على الصغير غابرييل، طفل ألميريا.
من جانب آخر، تبدو العناصر التكوينية شديدة الغرابة بحيث يبدو مستحيلاً أن لا تتحرك مشاعر المرء وأن لا يتكدر، وفي الآن نفسه، أن لا يشعر أنه ممتلىء بحلاوة لطيفة ومقلقة: في هذا التضاد العاطفي تتمثل قوة هذه الصورة.
لأن يد الرجل تحمل متاعاًغريباً. لأنه منذ أيام هيرودس الأول الكبير لم يوجد قط مثل هذا المهد الفريد. لأن وداعة الطفل الصغير هي برهان كامل على أن الحياة تشق طريقها في الظروف الأكثر سوءاً ومثال مؤلم على التكلفة المدفوعة بالدم البريء الناتجة عن الدمار في الصراع السوري.
أيضاً لأننا ندرك بهذه الصورة أن اللاجئين السوريين لا يحملون معهم إلا العزيمة والمثابرة البيولوجية والقانون الطبيعي للبقاء، العصيين على التفسير في بعض الأحيان. لأن قساوة معصم الرجل الحامل للحقيبة هي كناية بالغة عن لامبالاة الغرب تجاه الإبادة الجماعية للسكان المدنيين على أيدي نظام بشار الأسـد وحليفه فلاديمير بوتين. ولأن أولئك الذين تمعنوا في هذه الصورة سيكونون أكثر حذراً، اعتباراً من الآن، عند فتح حقائبهم.





https://www.elespanol.com/opinion/columnas/20180318/vida-cuestas/292721097_0.html

No comments:

Post a Comment