Tuesday 4 December 2012

حَلَب، الحياة بين الأنقاض



حَلَب، الحياة بين الأنقاض

مونيكا بريتو – موقع: كوارتو بودير


تقرير مُصَوَّر من حَلَب (سوريا)- الدمار. تلك هي الكلمة التي تقدم أفضل وصف ممكن لحلب، العاصمة التجارية السورية وثانية مدن البلاد، حيث اشتعلت الحرب في أواخر شهر تموز| يوليو لكي لا ترحل منها أبداً. اليوم، يُعاش الصراعُ خاصةً في الأحياء المتنازع عليها، حيث ازدادت قوة المقاتلين المنضوين تحت مظلة الجيش السوري الحر، أما في ما تبقى من المدينة فيتربص الموت على شكل قصف وطلقات قناص.
 
دمر الطيران أبنية مدنية. "يقصفون المدارس، المساجد، المنازل... لا يحتاج الأمر أن يكون هناك أي موقع قريب للجيش السوري الحر لكي يتم القصف" يرثي أحد الأساتذة. إلى ذلك يجب أن نضيف الاحتياجات الأساسية: إمدادات الماء والكهرباء جرت العادة على قطعها بشكل متعمد من قبل النظام الديكتاتوري من أجل معاقبة مواطنيه. العقاقير والأدوية تشح لكنها مازالت في المتناول: المشكلة الرئيسية هي أن الحرب أنهت الأعمال التحارية، وتالياً، الوظائف. التضخم حلق عالياً وقليلون هم الذين ما زال لديهم أموال للحياة كل يوم.

يُقدَّر أن الطوابير من أجل الخبز، حيث يحاول المدنيون التزود به كل يوم، تم قصفها في تسعين مناسبة في مدينة حلب وحدها. ومع تدمير العديد من المخابز، تتناقص بشكل مطرد المؤسسات التي تستمر في إنتاج هذا الغذاء الأساسي، ويزداد، بالتالي، عدد الزبائن الذين ينتظرون أمام أبوابها. بعض الهجمات حصدت عشرات الضحايا، وبعضها الآخر جرحى وحسب. حتى الحصول على الخبز تحول إلى مغامرة قسرية خطرة بالنسبة للأُسَر السورية: الخيار الوحيد لتجنب هذه الصفوف المخيفة هو دفع ثمن المنتج مضاعفاً إلى أولئك الذين  يعيدون بيعه في السوق السوداء.

في الأحياء التي سقطت لتوها في أيدي الجيش السوري الحر، تبقى الجثث في الشوارع، في أحيان كثيرة جرَّاء الخوف من قناصة النظام الذين اعتادوا إطلاق النار، حسب ما يقوله السكان، على أولئك الذين يحاولون مساعدة المصابين. من المستحيل تقدير عدد الضحايا، كما هو مستحيل تقييم الأضرار المادية الناتجة عن عمليات القصف. إن إعادة بناء سوريا ستكون مكلفة بشكل مرعب.
 
حافلات النقل القديمة أعيد تأهليها كمتاريس في المناطق التي يسيطر عليها رماة جيش الأسد بهدف منع الرؤية وتسهيل انتقال المدنيين. عناصر من الجيش السوري الحر علقوا أيضاً ستائر بلاستيكية كبيرة في بعض القطاعات، كما في المدينة القديمة، للهدف نفسه، إزاء النقص في العربات الكبيرة التي تستطيع القيام بهذه الوظيفة.

إذا كانت عمليات القصف لا تميز بين الأهداف المدنية والعسكرية، فإن الثوار أيضا لا يميزون. مقرات عامة وأبنية سكنية في الأحياء الأكثر تأثراً –حيث فر المدنيون- كما في سيف الدولة، صلاح الدين، الميدان أو كرم الجبل، تحولت إلى مواقع من قبل المقاتلين، الذين يرتجلون وسائل لمواجهة آلة النظام الهائلة رغم النقص الصارخ في السلاح والذخيرة.


هذا المقلاع الضخم الذي يطلق منه الثوار في المدينة القديمة خراطيش متفجرة صغيرة ضد مقر الحكومة العسكرية، الذي تسيطر عليه القوات النظامية والواقع على بعد عشرين متراً بالكاد من المكان الذي التقطت منه الصورة، هو مثال جيد على قدرة الخيال على التعويض  عن عدم التكافؤ بالقوى. وعلى الأرض يبدو مفاجئاً أن يحافظ الثوار على الزخم  العسكري للسيطرة على حلب بعد أربعة أشهر تقريباً من المعارك.
 
المظاهرات لم تتوقف. يُقدَّر أن أكثر من خمسين احتجاجاً مثل ذلك الذي يُشاهَد في الصورة يقام كل يوم جمعة في حلب، وحوالى خمسائة في البلد كله، رغم طغيان العنف على الحركة السلمية التي تستمر راسخة بقوة في سوريا. بعد انقضاء أسبوع على التقاط هذه الصورة، في حي بستان القصر، تعرض الاحتجاج نفسه إلى القصف من قبل النظام. ما بين ستة إلى ثمانية أشخاص، بينهم ناشطون معروفون، ماتوا في هذا الهجوم الذي ترك عشرات من المتظاهرين المصابين.
 
مع توقف الحياة بسبب الحرب، تتضاعف المبادرات الخاصة من أجل استعادة نوع من الحياة الطبيعية. بعض المنازل الخاصة أعيد تأهليها إلى مدارس، من قبل قاطنيها، للسماح للأطفال باستئناف تعليمهم. في بعض الأحياء، نظم الناشطون الذي بدأوا الثورة بمظاهراتهم عمليات جمع القمامة من أجل تخفيف وطأة الوضع الخطير، ذلك أن أنظمة جمع القمامة البلدية توقفت عن العمل مع بدء الهجوم.


هذا هو السبب الذي يجعل بعض الأماكن تظهر كذلك الذي في الصورة: مكبات نفايات ضخمة مرتجلة في المستديرات تهدد بتوليد الأوبئة بين السكان المدنيين. وبالنظر إلى أن حلب كانت واحدة من أواخر المدن التي التحقت بالثورة السورية التي آلت إلى حرب أهلية، فإن هذا الوضع قابل ليكون شاملاً لقسم كبير من البلاد. في سوريا، يعيش السكان المدنيون بين القنابل والأنقاض.






http://www.cuartopoder.es/elfarodeoriente/alepo-la-vida-entre-escombros/3662

No comments:

Post a Comment