Friday 21 December 2012

الدائرة تضيق حول الأسـد




الدائرة تضيق حول الأسـد

خيسوس نونييث بيَّابيردي – صحيفة الباييس الإسبانية


أي تنبؤ حول حل الأزمة التي تعانيها سوريا منذ اثنين وعشرين شهراً لا يزال أمراً محفوفاً بالمخاطر، لكن بات جلياً الآن أن كفة الميزان تميل بشكل متزايد لمصلحة من يسمون بالثوار. سواء في الميدان السياسي أو في الميدان العسكري -المترابطين بشكل لا فكاك منه- تتراكم الأخبار التي تشير إلى أن الدائرة أخذت تضيق حول نظام مصمم على المقاومة مهما كلف الأمر، واعياً أنه بالنسبة إلى المدافعين عنه فإن الأمر يتعلق بحرب حياة أو موت.
في الميدان السياسي تتوالى الاعترافات بالائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية، مع رجل الدين المسلم معاذ الخطيب على رأسه (رغم أن الشخصية المحورية فيه هي نائب رئيسه رياض سيف). بعد انطلاقته في الاجتماع المنعقد في الدوحة (11 تشرين الثاني| نوفمير)، في محاولة جديدة لتوحيد قوى المعارضة، فإن مجلس التعاون الخليجي وتركيا، فرنسا وبلدان أخرى من الاتحاد الأوروبي، ومؤخراً الولايات المتحدة وبقية البلدان الثمانين المكونة لمجموعة أصدقاء سوريا، أخذت تضفي الطابع الرسمي على تسميته ممثلاً وحيداً (للشعب السوري). على الصعيد الداخلي، الأكثر أهمية هو أن الائتلاف قد تمكن من دمج المجلس الوطني السوري (منبر المعارضة السابق) وأضاف ممثلين عن المحافظات الأربع عشرة في سوريا، وكذلك ممثلين أكراداً، وحتى ممثلا علوياً. كان هذا بالتحديد هو التحدي الرئيس لمعارضة كانت حتى ذلك الحين منقسمة بشكل خطير -مع غالبية من المنشقين المنفيين ووزن ملحوظ للفرع المحلي من الأخوان المسلمين-، الأمر الذي كان يُترجم إلى ميزة لمصلحة النظام وإلى مقاومة ملحوظة لحكومات عديدة لقرار تقديم المساعدة لهذه المعارضة.
في موازاة ذلك، يبدو أن هناك تعزيزاً لعملية جمع المجموعات المسلحة المختلفة حول مجلس أُسِس في اجتماع تم عقده في أنتاليا (تركيا) في الخامس من شهر كانون الأول| ديسمبر. القادة الـ 550 الثائرون الذي حضروا الاجتماع المذكور اتفقوا على إنشاء هيئة  قيادية مؤلفة من ثلاثين عضواً، مع العميد سالم إدريس قائداً عسكرياً. يجدر بالذكر أيضاً أنه لا جماعة جبهة النصرة (المصنفة إرهابيةَ من قِبل واشنطن) ولا أحرار الشام (الجهادية) كانتا مدعوتين للقاء.
إذا تم تطبيق هذا القرار بشكل عملي، فإن بوسعنا أن  ننتظر زيادة ملحوظةً في القدرات القتالية لقوات لم تكن قد حققت حتى الآن تنسيقاً فعالاً في جهودها للإطاحة عسكرياً بنظام مازال يحتفظ، على وجه الخصوص، بتفوق جوي واضح. على أية حال، إذا كانت هذه المجموعات المسلحة، إلى ما قبل شهور قليلة، مُكَوَّنةَ بالكاد من تلك المجموعات من المنشقين سييء التسليح، فإنها اليوم تضم مقاتلين من خلفيات مختلفة، عرقية أو دينية أو ايديولوجية، مع خبرة مهمة متراكمة في حرب غير نظامية ومع ترسانة متطورة تحتوي قطعاً من المدفعية وحتى MANPADS (أنظمة دفاع جوية محمولة).
ليس مستغرباً أن تُوَلِّدَ هذه السلسة من الأحداث قلقاً عميقاً لدى النظام، بالقدر الذي يلاحظ، علاوة على ذلك، عجزه عن كبح ديناميةٍ تُفاقم من الأزمة الاقتصادية وتنتقص من وسائل دعم مقاومته (سيطر الثوار على عدة حقول نفطية في شرق البلاد ووسعوا نطاق عملهم حتى العاصمة والطريق الحيوي باتجاه البحر المتوسط). كرد فوري، من جانب أول، بدأ المبعوثون الخاصون للأسد بالاتصال مع بعض الحكومات الأمريكية اللاتينية بغية استطلاع إمكانية توفير ملاذ للرئيس السوري والدائرة الأكثر قرباً منه، في حال هزيمته في نهاية المطاف. من جانب آخر، عادت دمشق لنشر التهديدات حول استعمال ترسانتها الكيميائية -مشيرة إلى جاهزية الصواريخ المحملة برؤوس كيميائية- بالرغم من عدم تخليها عن موقفها الرسمي بأنها لن تستخدم هذه الأسلحة أبداً ضد السكان المدنيين.
أكثر من كونها تهديداً حقيقياً –مستبعداً جداً بالنظر إلى الصعوبات التقنية الهائلة في استعمالها، والأثر الضعيف الذي قد يكون لها ضد ثوار لن يكونوا بسهولة هدفاً مريحاً في أي وقت من الأوقات، والإدانة الدولية الإجماعية التي ستزيد من صعوبة محافظة موسكو وبكين وطهران على دعمهم لنظام سيتم توصيفه على أنه مرتكب للإبادة الجماعية- فإنه بوسعنا تفسير تلك الشائعة على أنها محاولة لثني المساندة الخارجية الممكنة للائتلاف المعارض والمجلس العسكري عن المضي قدماً تمويلاً وتسليحاً. في هذا السياق، يجب تفسير الإجراء المتخذ من حلف الأطلسي بنشر بطاريات صواريخ مضادة للصواريخ (باتريوت) على الأراضي التركية، استجابةً لطلب قدمته تركيا، يجب تفسيره على أنه، في الآن نفسه، رسالة رادعة إلى دمشق ورسالة دعم تجاه تركيا التي لم تكن قد استلمت حتى الوقت الراهن إشارات إيجابية بما فيه الكفاية من الحلف (لا عند إسقاط المقاتلة التركية من قبل القوات المسلحة السورية ولا بعد الهجمات العرَضية التي تبعته).



http://elpais.com/elpais/2012/12/17/opinion/1355752132_225334.html

No comments:

Post a Comment