Tuesday 4 February 2014

عودة إلى السياسة الواقعية




عودة إلى "السياسة الواقعية"


خوسيه ايغناثيو تورّيبلانكا- صحيفة الباييس الإسبانية


كان هناك وقت، ليس ببعيد جداً، قررنا فيه نحن الأوروبيين التضحية بتعزيز الديموقراطية وحقوق الإنسان في شمال أفريقيا في سبيل الاستقرار والأمن. ولتبرير أنفسنا استخدمنا فزاعتين: بينما كنا نلوح بإحدى اليدين بمصالحنا الأمنية، التي تتقدمها مصلحتنا بالحصول على التعاون في الصراع ضد الإرهاب الجهادي والسيطرة على تدفق الهجرة، كنا نشهر باليد الأخرى المأساة الحاصلة في الجزائر في أعوام التسعينات لكي نجادل بأنه حتى لو أن انتخابات نزيهة كانت فكرة طيبة إلا أنها بالتأكيد ستحمل إلى السلطة أولئك الذين سيحاولون تدمير الديموقراطية.

متمترسين خلف هذا الخليط من المخاوف والمصالح، بنينا سياسة دعم غير مشروط لأنظمة المنطقة قائمة على تقارب فكري غريب: بالنسبة لمؤيدي السياسة الواقعية realpolitik ، التي تصر على أن المرء يتلاءم مع ما هو موجود، فإن الاختيار بين الديكتاتوريات العلمانية الحليفة والثيوقراطيات المعادية للغرب ليس موضعاً للشك. بدورهم، لم يكن هنالك بالنسبة لليبراليين أي سبب للافتراض بأن أنظمة المنطقة لم تكن ستتبع المسار الكلاسيكي في التحديث، الذي يؤكد على أن التطور الاقتصادي هو الذي سيأتي، على المدى الطويل، بالديموقراطية. صقور وحمائم، لا فرق: في أية حالة من الحالتين، المصالح الأمنية للأوروبيين ستكون مصونة.

بطبيعة الحال، شكك بعض المتشائمين في هذه المقاربة، محذرين من خطر أنهم بهذه السياسة، التي أضعفت الديموقراطيين وقوَّت الاسلاميين، يخاطر الأوروبيون بالبقاء بدون أمن وبدون حرية. لكن برغم الأدلة على أن أنظمة المنطقة كانت تتراجع من الناحية السياسية والاقتصادية، متحولة إلى جمهوريات وراثية فاسدة، واظب الأوروبيون على دعمهم لها، بل إننا قدمنا لتونس، تحت الرئاسة الإسبانية، وضعاً متقدماً في علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي.

الربيع العربي قلب قواعد النقاش، مانحاً الأوروبيين فرصة ثانية لوضع الأمور في نصابها. لكن هذا الربيع لم يأت بالنتائج المرجوة. باستثناء تونس، الوضع ليس مشجعاً جداً: المَلَكيات في المغرب والأردن والخليج تمكنت من الإفلات من ضغوط التغيير؛ ليبيا يبدو أنها تنزلق نحو الفوضى، مصر عادت تحت وصاية الجيش، والأسـد، حتى لو لم نقلها بصوت مرتفع، كسب في سـوريا. الخبر، المعلن عنه في هذه الأيام، عن قيام وكالات الاستخبارات الأوروبية بالحج إلى دمشق لجمع معلومات حول مقاتلي القاعدة الذين يقاتلون هناك، يقول كل شيء. كما القذافي في حينه، استخلص الأسـد أنه بتخلصه من السلاح الكيميائي وبقمع الجهاديين يمكنه الاستمرار في قمع شعبه. أوروبا تعود إذاً إلى السياسة الواقعية realpolitik. وكما يُشَاهد في مقاومتها لتوفير الملاذ للاجئين السوريين، فإنها تفعل ذلك حتى بدون أن تزعج نفسها بإصلاح الخلل.
















http://internacional.elpais.com/internacional/2014/01/16/actualidad/1389887131_930046.html

No comments:

Post a Comment