دكتاتوريات غير قابلة للإصلاح
لويس باسيتس – صحيفة ال باييس الإسبانية
مع ابن علي استغرق
الأمر بالكاد شهراً واحداً . و مع مبارك كان أقل من ذلك حتى . أما حرب العصابات
التي شنها المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا فقد احتاجت نصف عام من أجل إزاحة
القذافي . التونسيون و المصريون أنجزوا التحرر من طغاتهم بدون أن يطلقوا عياراً
نارياً واحدا . أما الليبيون فقد بدأوا بشكل سلمي ، لكن الاحتجاج تحول سريعاً إلى
انتفاضة ( مسلّحة ) ، تلقت غطاءً جوياً من تحالف دولي يتزعمه حلف شمال الأطلسي ، بفضل
قرار من مجلس الأمن .
الآن جاء دور
سوريا للتخلص من طاغيتها ، بشار الأسد . إن سقوط القذافي يشكل حافزاً للسوريين و رسالة تثبيط للموالين للنظام . ثمة أخبار عن
انشقاقات في صفوف العسكريين المجندين . و من الممكن أن تكون هناك أيضاً انشقاقات
مماثلة داخل النظام . وزير الخارجية الإيراني ، علي أكبر صالحي ، طلب من الأسد
الاستجابة للمطالبات المشروعة لشعبه ، و حسن نصر الله ، قائد الحزب الشيعي
اللبناني القوي حزب الله ، أيضاً يريد أن تتسارع وتيرة الإصلاحات من أجل تهدئة
الاحتجاجات . و كما هو معلوم للجميع : إذا
حلق جارك لحيته فبلل لحيتك .
كل قطعة من أحجار
الدومينو لها خصائصها المميِّزَة . تونس لم تكن تلعب دوراً استراتيجياً ، لكنها أعطت
الدفعة الأولية . الوزن الجيو استراتيجي لمصر كبير جداً ، و لهذا أعطى سقوطُها
الدافعَ الأكبرَ لموجة التغيير . ليبيا لديها بترول ، و هو أداة للابتزاز و الفساد
مثلما هو أداة للحماية الشرطية و العسكرية . أما سوريا فهي تحظى بأهمية استراتيجية
مضاعفة ، بسبب رابطتها " الشيعية " مع إيران و حربها الباردة مع اسرائيل
، بالإضافة إلى الراديكالية الفلسطينية فيما بينهما .
مازال الأسد يتمتع
بحماية أكبر من ابن علي و مبارك و القذافي ، حيث أن نظامه قد أتم فعلاً الخلافة العائلية . كما أنه كان مُستَهدَفاً
من قِبَل واشنطن في عهد " محور الشر " و تمكن من تجاوز المرحلة بدون أن
يضطر إلى القيام بتحولات و تهريج القــائد الليبي المطاح به . و الآن ، على الرغم من القمع القاتل ضد شعبه ،
فقد نجح في جعل العقوبات الدولية تصل متأخرة و في بعض الحالات أن لا تصل حتى الآن . إن لديه
دبلوماسية فعالة و عرّابين ( رعاة ) جيدين في موسكو و مواطئ قدم في بلدان كثيرة ،
إسبانيا واحدة منها حتى لا نذهب أبعد من ذلك .
لكن كل هذا الدعم أخذ
يضعف . فتركيا ، حليف الأمس ، هي الآن أكثر من يمارس الضغط من بين الجيران . و
فكرة وجود فراغ في السلطة في دمشق تسبب فزعاً كبيراً مشتركاً عند العدوين اللدودين
أحمدي نجاد و نتنياهو . فسوريا في مرحلة انتقالية سوف تكون حافزاً على التمرد في
إيران و سوف تضع إسرائيل في موقف صعب بينما
هي تقوم بمناوراتها المخادِعة للحيلولة دون قيام الدولة الفلسطينية .
يتظاهر الأسد
بالاستماع . تريدون إصلاحات ؟ لقد رفع
حالة الطوارئ معلناً عن عدد من الإصلاحات التشريعية من ضمنها الاعتراف بالتعددية
الحزبية ، و أصدر ثلاثة مراسيم للعفو . لكن كل هذا ليس شيئاً ذا بال مادام مصحوباً
بقمع يزداد قسوة ، الأمر الذي يُظهِر قيمة الإصلاح في هذا النوع من الأنظمة القائمة
على الجريمة .
www.elpais.com/articulo/opinion/Dictaduras/irreformables/elpepusocdgm/20110904elpdmgpan_7/Tes
No comments:
Post a Comment