Friday 16 September 2011

تذكّروني عندما يسقط النظام


تذكّروني عندما يسقط النظام

أحد قادة النشطاء الشباب في المعارضة السورية يترك وصية سياسية مكتوبة قبل وفاته تحت التعذيب

ايغناثيو ثيمبريرو – صحيفة ال باييس


" إن آلمكم خبر استشهادي ، فاعلموا أني الآن قد نلت السعادة و الحرية في آن معاً ...... تذكروني عندما تحتفلون بإسقاط النظام و تحرير الوطن من العابثين  ". كتب غياث مطر ، ذو الستة و العشرين ربيعاً ، كتب هذه السطور بنية أن تظهر للعلن إذا ما آل القمع الذي يرتكبه النظام السوري إلى القضاء على حياته .
و هكذا كان . فقد اختُطِف غياث في السادس من أيلول | سبتمبر و مات الأسبوع الماضي . لا يُعلم اليوم بالتحديد ، رغم أن جثته سُلمت السبت الماضي إلى أسرته في داريا الضاحية الدمشقية . كانت هناك كدمات في صدره و جروح في وجهه الأمر الذي يؤكد تعرضه للتعذيب ، كما أخبرت عن ذلك منظمة هيومان رايتس وتش على إثر اتصالها مع بعض ناشطي المعارضة في دمشق .
رغم كونه شاباً فقد كان غياث ، منذ آذار | مارس ، واحداً من المنظمين للاحتجاجات ضد الرئيس بشار الأسد . و كغيره من قادة الاحتجاجات السوريين ترك لأصدقائه و أسرته وصية سياسية . " وصيتي إليكم أن تثبتوا على ذات المبدأ الذي خرجنا من أجله ، وأن تعملوا على تحقيق كل الشعارات التي رفعناها " كما جاء في النص المنشور بعـد وفـاة كاتبه ." لا تسمحوا لهم بتغييركم ، لا تسـترخصوا دمي و دماء الشهــداء الآخرين الذين قدموا أرواحهم من أجل سـوريا حــرة ". " فاصبروا  فإن النصر صبر ساعة ".
فضلاً عن عمله في تنسيق المظاهرات ، كان مطر " داعية للسلمية " ، كما تتذكر نوال السباعي الكاتبة السورية المنفية في مدريد . و تضيف  " حتى لو قتلونا جميعا فيجب أن لا  نلجأ إلى السلاح من أجل الدفاع عن أنفسنا ، كما كان غياث يقول " . مبتعدأ بذلك عن أولئك المعارضين الذين يميلون إلى الثورة المسلحة ." و لهذا فإن موته أكثر إيلاماً " تخلُص إلى ذلك الكاتبة السورية .
كان غياث متزوجاً و على وشك أن يصبح أباً ( زوجته سوف تلد في ديسمبر | كانون الأول ) . و قد وقع في فخ قبل تسعة أيام ، وفق رواية هيومان رايتس وتش . كان مع صديقه يحيى الشربجي ، الصحفي الذي يعمل في الخفاء ، عندما تلقى الأخير مكالمة من شقيقه ناصحاً له -  تحت تهديد السلاح من قِبَل عناصر الشرطة السرية –  بالانتقال ، لأسباب تتعلق بالسلامة ، إلى ضاحية صحنايا . و هناك تم إلقاء القبض عليهما بعد مطاردة بالسيارة . و قد تلقت كل واحدة من أسرتيهما بعد ذلك مكالمة من أحد الموظفين الرسميين  مخبراً لهم  بأنه قد ألقي القبض عليهما .
لم يسبق لموت ناشط سوري حتى الآن أن أثار تنديداً كالذي أثاره موت غياث مطر . فالاتحاد الأوربي و حكومات غربية أخرى نددوا بقتله ، و قام سفيرا الولايات المتحدة و فرنسا في دمشق ، روبرت فورد و اريك شفالييه ، يوم الاثنين بحضور مجلس عزائه مع أقربائه ، و انضم إليهما لاحقاً ستة سفراء آخرين ، ليس من بينهم السفير الإسباني .
مئات الشبان حضروا المناسبة ، و ما إن ابتعد الدبلوماسيون حتى أطلقت قوات مكافحة الشغب القنابل المسيلة للدموع و الأعيرة النارية في الهواء من أجل تفريقهم ، لكنها في هذه المناسبة لم تصوب بقصد القتل . علماً بأنه منذ أن بدأت الاحتجاجات في مارس | آذار فارق الحياة 2600 ناشط  حسب ما كشفت عن ذلك يوم الاثنين ناني بيلاي المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة .
و في ذات الوقت الذي سُلِّمت فيه جثة غياث مطر إلى أسرته  ، كانت تختفي في مطار دمشق رفاه ناشد ، ذات الستة و ستين عاماً ، أول محللة نفسانية في  سوريا ، و مؤسِّسَة مدرسة التحليل النفساني في دمشق . كان لديها بطاقة سفر إلى باريس ، لكنها لم تستعملها قط . في هذه الأوقات العصيبة كانت الطبيبة النفسانية منكبة على تقديم دروس من أجل مساعدة مواطنيها في التغلب على الخوف .

No comments:

Post a Comment