مقالة افتتاحية في صحيفة ال باييس الاسبانية بتاريخ الاثنين 1-8-2011
يوم من الدم في سوريا
الشعب الذي تخلى عنه المجتمع الدولي ، يتعرض
لهجوم قاس آخر من النظام
الأحد الأخير من
تموز| يوليو كان يوماً أسود للشعب السوري ، الذي يتحدى ، بجسارة مذهلة ، الديكتاتور
بشار الأسد منذ منتصف آذار| مارس عبر احتجاجات حاشدة تستلهم الانتفاضات العربية . و إذا تأكدت المعلومات
المتوفرة من منظمات حقوق الإنسان المحلية فإن مذبحة الأمس ، مع أكثر من مائة و عشرين قتيلاً
و عشرات من الجرحى ، ستكون واحدة من أسوأ المذابح المرتكبة من قبل نظام لم يقابله المجتمع الدولي بأكثر من رفع نبرة صوت
انتقاداته . فبرلين و باريس و روما اتخذت موقفاً مناوئاً ضد هذا الهجوم الدموي
الجديد ، و الولايات المتحدة وصفته بـ " فعل يائس " يقوم به النظام في
حربه الشاملة على شعبه .
عند هذه اللحظة ،
تبدو كلمات واشنطن القاسية ممزوجة بجرعة من السذاجة الواضحة. فمنذ أربعة شهور ، يقمع
بشار الأسد بالدم و النار جميعَ و كلَّ واحدة من مظاهرات شعب مقموع يطالب
بالديموقراطية . و حصيلة القمع الوحشي المُمارَس ضد المشاركين في الانتفاضة تُظهِر
أرقاماً مفزعة عن مئات القتلى و المفقودين و آلاف المتعرضين للتعذيب . يبدو النظام
و كأنه يتصرف بشكل يائس بدون أن يواجه رداً ملائماً من المجتمع الدولي ، الذي لا
يرى أية إمكانية على الإطلاق للتدخل كما جرى في الهجوم بليبيا . فالخوف من زعزعة
استقرار الشرق الأدنى بشكل أكبر – و هو الإقليم الذي تتمتع فيه دمشق بنفوذ حاسم – و محاصرة الصين و روسيا لأية مباردة ذات مدى
أوسع ضد النظام يجعلانه مطلق اليدين للاستمرار في سلوكه ضد شعبه . أما الباعث
الوحيد ليأس الطاغية الذي يحظى حتى اللحظة بتأييد الجيش و قوى الأمن فهو شجاعة
هؤلاء الآلاف من المواطنين الذين ، في حماة الآن و قبل ذلك في دمشق ، وفي درعا أو
في بانياس ، يَتَحَدّون ، مجردين من كل سلاح ، ما يُطلق عليها اسم قوات حفظ
النظام .
على العكس من ذلك ،
فإن كل يوم يمر يُظهِر بشكل متزايد ضعفَ الضغط الدولي ، غير القادر على إزاحة
القذافي من السلطة بعد حوالى ثلاثة شهور من قصف الناتو ، و المصاب بالشلل أمام
القمع الذي يتعرض له مواطنو بلدان عربية أخرى مثل اليمن و البحرين .
معزولين ، وبدون
حرية إعلام ، وتحت نير طاغية لا يرحم ومعارضة لم تنظم نفسها حتى الآن ، يواجه
السوريون مصيرهم بمفردهم .
No comments:
Post a Comment