Monday 8 August 2011

يا حماة، نحن معك حتى الموت


" يا  حماة ، نحن معك حتى الموت "

معارضون يتحدثون عبر الانترنت و الهواتف العاملة بالأقمار الاصطناعية عن  الوحشية التي تحاول أن تقمع بها القوات المسلحة الثورة الشعبية

T.TROTTA   - صحيفة ال باييس الاسبانية

الشعار الأكثر شعبية في سوريا هذه الأيام هو :" يا حماة ، نحن معك حتى الموت ". في المدينة التي عانت في عام 1982 أسوأ المذابح المرتكبة في الشرق الأدنى خلال العقود الأخيرة – حيث سحق حافظ الأسد والد بشار ثورة للأخوان المسلمين – تشكّل الشوارع المقفرة  و المليئة بالأنقاض ، و المتاريس المرتجلة ، و البنايات المدمرة ، مشهداً كئيبا . مدينة أشباح يقدم صورها التلفزيون الرسمي . فيما كان النظام يحتفل بنصره على مجموعات متطرفة مُفتَرَضَة ، متهمة بأعمال النهب  و بقتل المدنيين .
روايات الشهود التي أمكن تسريبها  الى خارج البلاد  تقدم رواية مناقضة للرواية الرسمية. عشرات آلاف الأشخاص احتلوا شوارع حماة و مدن أخرى في البلاد في أول يوم جمعة غضب منذ بداية رمضان من أجل المطالبة بنهاية لديكتاتورية دامت أربعين عاما و للعنف.
أحد المقيمين في حماة روى في رسالة موجهة إلى بعض الناشطين الأجانب :" ها نحن ذا ، ننتظر الموت ... نسمع القصف  و أنظر إلى سقف الغرفة و أقول : هل سيسقط الصاروخ في هذه الغرفة أم في الغرفة المجاورة ؟ " . أضاف الرجل :" إنني أفكر الآن : هل أشتري سلاحاً من أجل أن أحول بينهم و بين مهاجمة منزلي ؟ هل أفتح الغاز و أفجر المنزل قبل أن يستطيعوا الوصول إلى زوجتي ؟ " . و حسبما يؤكــد هذا الرجــل الريفي  فإنه يعيش : " أسوأ مايمكن أن يوجد في الحـياة : العجــز المطلق عن فعل أي شيء بمواجهة هذا الرعب " .
سكان حماة، الذين يعانون حصار الجيش منذ أسبوع، يبلغون عن قلة الطعام و الدواء، وكذلك عن الحصار على الاتصالات، و الكهرباء والماء. وفي شهادة حصلت عليها وكالة الاسوشييتد برس للأنباء يؤكد الشاهد أن عائلات كثيرة تقنن الطعام من أجل الصمود حتى نهاية شهر رمضان المقدس . ويضيف المواطن نفسه : " إنهم يقتلون الناس وكأنهم خراف . أنا بنفسي شاهدت دبابة تدهس  شاباً على دراجة نارية كان يقوم بنقل الخضار فقط ".
قناة الجزيرة قدمت شهادة لمواطن آخر أكدّ فيها أن عناصر القوات الأمنية يطلقون النار عادة بعد الصلاة و الإفطار خلال الليل ، بطريقة عشوائية ، و أن بعض العائلات دفنت  الضحايا في حدائق منازلهم بسبب الخوف من الذهاب إلى المقبرة ." نخشى أنهم سوف يقومون بدفننا معهم " يقول الشاهد .
في سوريا كلها تقريباً فإن الاحتجاجات ، العصية على التهدئة رغم القمع ، تتزايد . من دمشق إلى درعا ( في الجنوب ) و دير الزور ( في الشرق ) يترنم المتظاهرون بالشعارات نفسها : " الله معنا  " ، و  " الشعب يريد إسقاط النظام "  ذلك الشعار الذي كان رائجاً أثناء الثورة المصرية .
في دمشق ، تظاهر حشد من الناس في حي الميدان على وقع صيحة  :" بشار ، تنحّ . نحن نريد الصيام و الاحتفال بالعيد " . جنازة خالد الفاكهاني تحولت إلى مظاهرة أمام مسجد عبد الكريم الرفاعي في كفرسوسة ، و هو حي آخر من أحياء العاصمة . المنتفضون ضد النظام تواعدوا على اللقاء أيضاً في ادلب في شمال البلاد ، و في حمص بعشرات الآلاف .
رمضان هذا العام سيكون مختلفاً بالنسبة إلى أحمد ." في العادة يخرج الناس للاحتفال وللإفطار مع العائلة، الآن ليس هناك أحد في الشوارع ". أحمد ، و هو اسم وهمي  لدوافع أمنية، يبلغ عشرين عاماً من العمر ويدرس المعلوماتية في دمشق " رأيت أناساً كثيرين يُعتَقَلُون بدون سبب " . " فمثلاً ، شاركتُ البارحة في اعتصام سلمي . كنا قد اتفقنا على الاحتجاج بلباس موحد : قميص أبيض . هجمت الشرطة و اعتقلت خمسين شخصا "، يحدثنا أحمد خلال مكالمة هاتفية . يعلم هذا الشاب أن الأحوال يمكن أن تسوء أكثر ، حسب ما وراه له أصدقاء استطاعوا الهروب من حماة . " يحدثونني عن أجواء حرب حقيقية ، حيث تطلق قوات الأمن النار في ثمانين بالمائة من الوقت من أجل أن يبقى الخوف سائداً بين المواطنين ".

No comments:

Post a Comment