Saturday 20 August 2011

فكاهة، قمع وروايات شعبية سورية


فكاهة ، قمع و روايات شعبية سورية

ليلى نشواتي – بيريوديسمو اومانو 

منذ أن التحـق السوريون بحركة مظاهرات الربيع العربي لم يتوقف القمع في البلد عن التصاعد ،  بحصيلة تجاوزت  1500 قتيل ، وفق منظمات حقوق الإنسان ، و أكثر من عشرة آلاف معتقل . و تستمر الرواية الرسمية في تقديم الواقع على أنه اضطرابات  منتظِمة تحرض عليها بلدان غربية ، لكن المواد التي يتشاطرها مواطنون سوريون من داخل و خارج البلد ، تنتشر عبر الانترنت بطريقة لم تكن تخطر على البال قبل بضعة شهور  فقط .
الاعتقالات تحولت إلى أمر يومي . في نهاية هذا الأسبوع فقط تـم اعتقال ، مـن بيـن آخرين ، خمسة ناشطين معروفين في مجال حقوق الإنسان ، من بينهم عدة متعاونين في مشروعات للأمم المتحدة : علا رمضان ، بيسان جاسم ، و آخرين طلبت عائلاتهم منا عدم نشر أسمائهم . إن أولئك الذين يشاركون في المظاهرات فـي سوريا يتـم تصنيفهم من قِبل وسائل الإعلام السورية الرسمية علـى أنهم " مخــربون " ، " شـريرون " ، " سـلفيون " ، " عملاء أمريكيون وإسرائيليون  " . هذه التجريدات من الأهلية غالباً ما تتناقض و تصل إلى هذيانات متطرفة مثل الإعلان عن الأسباب المفتَرَضة التي تبرر قتل و تعذيب حمزة الخطيب الصبي ذي الثلاثة عشر ربيعاً الذي تحول إلى رمز للقمع الحاصل في سوريا . في البداية أنكرت الحكومة المسؤولية عن اختطاف و موت حمزة ، لكن بعد ذلك بفترة قصيرة  نُشِرَ في صحف و بيانات رسمية مختلفة أن الطفل كان متورطاً في شبكة سلفية كانت تغتصب نساء الجنود .
هذا النوع من المحاججات يصطدم بالإنتاج المستمر على الانترنت لمواد  ترد بغضب  أو  بسخرية على الروايات الرسمية . مدونات مثل " حشيش سوري "  لمؤلف يعرف بنفسه على أنه وُلِد و نشأ في سوريا و يتابع دراسة  الماجستير ، توضح  إلى أية درجة فقد الشباب السوريون الخوف و الطريقة التي يُظهِرون بها ذلك من خلال الفضاءات و الأدوات الرقمية . واحد من آخر مواده يتضمن فقرة يتوجه فيها إلى الرئيس بشار الأسـد ، بعد واحد من خطاباته ، بلهجة بعيدة جداً عن الحدود التي ترسمها السلطات السورية مع مواطنيها :
" أخي كيف أشرح لك .. أشعر أن هناك مشكلة في التواصل بيني و بينك ، يبدو لي أنك لا تفهمني ... رغم أنك طبيب ،  و قد أضجروا أسماعنا بأنك طبيب ،  و أنك قد درست في الغرب .... و ماذا يعني ذلك ؟؟  أنا أيضاً درست في الغرب ، مرتين و ليس واحدة فقط ... و أنا  لست رئيساً ، لكنني أتفاهم جيداً مع الكثير من الناس ، في بعض الاحيان أفهم " على الطاير " حتى  ، و في مرات أخرى لا ... لكن أنت ، أيها الطبيب الذكي ، لا يبدو أنك تفهم " على الطاير " أبداً ... كما لو أنك لا تعرف إلا إطلاق الرصاص ... بجدية أسألك ، لماذا تفعل كل هذا ؟ " .
بين الفضاءات الأكثر شعبيه في أوساط الشباب السوريين توجد أيضاً صفحة على الفيس بوك تدعى " الثورة  الصينية " و هي تتهكم على الأحداث في سوريا كما لو أنها جرت في الصين ، مازجة بين شخصيات واقعية و خيالية . في واحدة من موضوعاتها تتهكم على الزيارات التي توفرها الحكومة للصحافة الأجنبية من أجل إطلاعها على المقابر حيث يتم دفن العملاء المقتولين  .
" وزارة الإعلام الصينية تدعو كل الصحفيين ومراسلي وكالات الأنباء ( المحايدين ) الموجودين في الصين لحضور الاحتفال المخصص لاكتشاف مقبرة جماعية جديدة في جسر الشغور . الساعة والتاريخ : غداً عند الساعة الثانية ظهرا . يتضمن الحدث حفل  استقبال و كوكتيل . لا زالت ديارنا عامرة بالمناسبات السارة  " .
هذه المواد  ، هذه اللهجة ، و هذه الحوارات  كان من غير الممكن التفكير بها قبل أقل من عام . التقرير عن " سوريا : الكوميديا السوداء للثورة " المنشور على موقع " أصوات عالمية " ،  يحلل الفكاهة بوصفها آلية دفاع و رد شعبية على القمع ، مع مئات المواد التي تسخر من الخطاب الحكومي .
أيضاً فإن الفيديوهات التي تحظى بمئات آلاف المتابعين ، تطوف حول العالم ، و تقاوم  ، بالسخرية ،  المحاججات الرسمية التي يعرفها السوريون جيدا .

No comments:

Post a Comment