Thursday 11 August 2011

ضحكات على حساب بشار الأسد


ضحكات على حساب بشار الأسد

مونيكا بريتو – موقع : بيريوديسمو اومانو


يرتشف الشابان الشاي بينما تبدو نظراتهما ضائعة  و هما جالسان في مرآب مهترئ الجدران  ." أتعرف ؟  أنا أود الخروج ". " الخروج ؟ إلى أين ؟" . " هناك مع الناس ، و أود الهتاف معهم جميعا " يجيب الأول . " أنت مجنون ، هل تظن أنه من المعقول أن يخرجوا هكذا . لا بد أنهم قد أخذوا شيئاً ما " . " أخذوا ماذا ؟ " ، في هذه اللحظة  ينادي بائع متجول على بضاعته " حبوب مهلوسة ! حبوب مهلوسة ! من جميع الأنواع ! العربية ، الجزيرة ، فرنسا 24 ، بي بي سي ...! حبوب مهلوسة ! " . " أرأيت كيف أنه ليس من المعقول ؟ " يعلق الثاني فيما يتابع بنظراته البائع .
ليست هناك ضحكات معلَّبة لكن الجمهور مفتون جداً بحيث تخرج الضحكات وحدها . هذا الحوار يجري في  "حرية و بس  " ، و هو على الأرجح المسلسل الأول في التاريخ الذي يجرؤ على التهكم على النظام السوري ، و على الثورة التي تتحداه . و بالرغم من كونها قضية  حساسة – حوالى ألف و ثمانمائة قتيل و عشرة آلاف معتقل حتى اللحظة ، حسب الناشطين ، ليست أموراً تبعث على الضحك – لكن روح الدعابة عند السوريين و التوق الى كل أنواع الحرية – و خاصة حرية التعبير – بعد أربعين عاما من الديكتاتورية البعثية تفسر نجاح هذا المسلسل المفاجئ الذي يقدم فصلين أسبوعيين تتراوح مدتهما ما بين دقيقتين و ثلاث دقائق و الذي جذب في شهره  الأول مائتي ألف مشاهد على قناته في اليوتيوب .
" حرية و بس " تم تعريفه على أنه سلاح للسخرية الشاملة ، طريقة للهروب موجهة للسوريين في الخارج و في داخل البلد  ، تم إنجازه على أيدي فنانين منفيين – فريق من عشرة إلى خمسة عشر شخصا – " مدفوعين بالشعور بأن الفنانين السوريين أخفقوا في مساندة  الثورة . فالغالبية منهم يؤيدون النظام " ،  كما يشرح آسفا فريق"  حرية و بس "  في مقابلة تم إجراؤها عبر البريد الالكتروني  " ممثلون عديدون وصفوا المتظاهرين بالعملاء   أو السلفيين "  .
في الفترة الأخيرة ،  شاركت وجوه سورية معروفة كالممثل محمد آل رشي أو فارس الحلو في جنازات متظاهرين ، مقتربين بذلك من الانتفاضة ، لكن الأسماء الأكثر شهرة في القطاع الفني السوري ، المعتادين على التبعية للنظام ، يستمرون في موالاتهم له ، باستثناء المسيرة التي جرت في يوليو | تموز الماضي  و التي قام بها مثقفون و فنانون : تم اعتقال الكثيرين منهم  و أطلق سراحهم فيما بعد .
دعاية دمشق ، التي تقدم وسائلها الرسمية – الوحيدة في البلاد - الانتفاضةَ على أنها محاولة انقلاب إسلاموية ممــولة من الخارج ، هـي واحـدة من أهداف " حرية و بس ."   " نحاول توعية الناس بأن هذه الوسائل  خاضعة للشك و النقاش و أن النظام ينقل معلومات تناقض الواقع في الشارع . نحاول أن نضع الوقائع في متناول السوريين الذين لم ينزلوا إلى الشارع بسبب الالتباس أو نقص المعلومات ".
يفعلون ذلك من خلال السخرية ، حتى لا نقول الاستهزاء . يجلس بطلا العمل في مرآبهما يتأملان عندما يسأل أحدهما :" ماذا تعني كلمة مندس ؟ ". في إشارة إلى الكلمة التي يطلقها النظام على المتظاهرين . " تعني عندما تخرج إلى الشارع برأس مرفوعة ، و تكون لديك مطالب مشروعة ". " لا أفهم " يجيب الأول ، هازاً برأسه . " سوف أبين لك : تخرج إلى الشارع ، ترفع رأسك جيداً ، ترفع قبضتك و تصرخ : (حرية و بس ! ) ". يقول ذلك و هو ينهض من مكانه مقدماً الاحتجاج بطريقة مسرحية  . لكن طلقة رصاص تطرح الشاب أرضاً في الحال  و يقع ميتاً أمام زميله ، الذي يعــلق قائلا : " ااه ه ه . هذا هـو معنى مندس ".
هل " حرية و بس "  هي شكل من أشكال الانخراط في الفعاليات الاحتجاجية ؟ " لا نريد أن نحارب النظام ، فقط نريد لمطالب الشعب أن تتحقق  . الفن الدرامي السوري ، خاصة التلفزيون و السينما ، كان مهماً في العالم العربي و رافق دائماً الحياة اليومية للناس  ، و لهذا يدهشنا خذلانه للثورة "  يقول فريق عمل " حرية و بس " .
نجاح المسلسل ملأهم حماسة . " الأرقام تجاوزت مائتي ألف مشاهد في شهر واحد فقط على قناتنا الرسمية ، لكن هذا ليس مؤشراً كاملاً لأن هناك قنوات أخرى لـ يوتيوب و محطات فضائية تبث بعض الحلقات " يشرح لنا المسؤولون الذين لا يعرّفون عن أنفسهم و لا يوضحون من أين يعملون لدواع أمنية .
من المستبعد أن يكون " حرية و بس "  مُتابَعَاً في البلد المسيطَر عليه من قِبَل دكتاتورية بشار الأسد ، كما يوضحون هم أنفسهم ." لم ينتشر في سوريا بسبب القيود الحكومية السورية المفروضة على الانترنت . يحزننا أن الشارع السوري لا يستطيع أن يرى ما نقوم بإنتاجه ".


www.periodismohumano.com/en-conflicto/risas-a-costa-de-bashar-assad.html

No comments:

Post a Comment